الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      824 حدثنا الربيع بن سليمان الأزدي حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الهيثم بن حميد أخبرني زيد بن واقد عن مكحول عن نافع بن محمود بن الربيع الأنصاري قال نافع أبطأ عبادة بن الصامت عن صلاة الصبح فأقام أبو نعيم المؤذن الصلاة فصلى أبو نعيم بالناس وأقبل عبادة وأنا معه حتى صففنا خلف أبي نعيم وأبو نعيم يجهر بالقراءة فجعل عبادة يقرأ أم القرآن فلما انصرف قلت لعبادة سمعتك تقرأ بأم القرآن وأبو نعيم يجهر قال أجل صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة قال فالتبست عليه القراءة فلما انصرف أقبل علينا بوجهه وقال هل تقرءون إذا جهرت بالقراءة فقال بعضنا إنا نصنع ذلك قال فلا وأنا أقول ما لي ينازعني القرآن فلا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرت إلا بأم القرآن حدثنا علي بن سهل الرملي حدثنا الوليد عن ابن جابر وسعيد بن عبد العزيز وعبد الله بن العلاء عن مكحول عن عبادة نحو حديث الربيع بن سليمان قالوا فكان مكحول يقرأ في المغرب والعشاء والصبح بفاتحة الكتاب في كل ركعة سرا قال مكحول اقرأ بها فيما جهر به الإمام إذا قرأ بفاتحة الكتاب وسكت سرا فإن لم يسكت اقرأ بها قبله ومعه وبعده لا تتركها على كل حال

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( عن نافع بن محمود بن الربيع الأنصاري ) قال في الخلاصة : عن عبادة بن [ ص: 36 ] الصامت وعنه مكحول وثقه ابن حبان ( أبطأ عبادة عن صلاة الصبح ) أي تأخر عنها ( فأقام أبو نعيم المؤذن الصلاة ) زاد الدارقطني وكان أبو نعيم أول من أذن في بيت المقدس ( فالتبست ) أي اختلطت ( وأنا أقول ) أي في نفسي ( ما لي ينازعني ) أي يعالجني ولا يتيسر ( القرآن ) بالرفع ، أي لا يتأتى لي فكأني أجاذبه فيعصى ويثقل علي . قاله الطيبي ، وبالنصب أي ينازعني من ورائي فيه بقراءتهم على التغالب يعني تشوش قراءتهم على قراءتي ، ويؤيد ما في نسخة : ينازعني بضم العين وتشديد النون على حذف الواو ونصب القرآن ، لكن في صحتها نظر إذ لا يجوز التأكيد إلا في الاستقبال بشرط الطلب . كذا في المرقاة ( فلا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرت إلا بأم القرآن ) أي بفاتحة الكتاب وسميت أم القرآن لأنها فاتحته ، كما سميت مكة أم القرى لأنها أصلها . قاله النووي والحديث . قال المنذري : وأخرجه النسائي .

                                                                      قلت : وأخرجه البخاري في جزء القراءة والدارقطني في سننه وقال : هذا إسناد حسن ورجاله ثقات كلهم ، وهذا الحديث أيضا يدل على قراءة فاتحة الكتاب خلف الإمام جهر أو أسر . ( قالوا ) أي ابن جابر وسعيد بن عبد العزيز وعبد الله بن العلاء ( فكان مكحول ) : هو أبو عبد الله الدمشقي ثقة فقيه عن كثير من الصحابة مرسلا قال أبو حاتم ما أعلم بالشام أفقه منه ( يقرأ في المغرب إلخ ) لقوله - صلى الله عليه وسلم - فلا تقرءوا بشيء من [ ص: 37 ] القرآن إذا جهرت إلا بأم القرآن ( قال مكحول اقرأ ) أمر للمخاطب ( إذا قرأ بفاتحة الكتاب وسكت ) أي اقرأ في سكتة الإمام التي بعد الفاتحة وهي سنة للإمام كما تقدم ( سرا ) أي اقرأ سرا ( فإن لم يسكت ) أي الإمام ( اقرأ بها قبله ومعه وبعده لا تتركها على كل حال ) لأنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب .

                                                                      قال المنذري : هذا منقطع . مكحول لم يدرك عبادة بن الصامت .

                                                                      فائدة : قد اختلفت الشافعية في قراءة الفاتحة هل تكون عند سكتات الإمام أو عند قراءته وظاهر الأحاديث أنها تقرأ عند قراءة الإمام وفعلها حال سكوت الإمام إن أمكن أحوط ؛ لأنه يكون فاعل ذلك أخذا بالإجماع ، وأما اعتياد قراءتها حال قراءته للسورة فقط فليس عليه دليل بل الكل جائز وسنة . نعم حال قراءة الإمام للفاتحة مناسب من جهة عدم الاحتياج إلى تأخير الاستعاذة عن محلها الذي هو بعد التوجه ، أو تكريرها عند إرادة قراءة الفاتحة إن فعلها في محلها أولا وأخر الفاتحة إلى حال قراءة الإمام للسورة ، ومن جهة الاكتفاء بالتأمين مرة واحدة عند فراغه وفراغ الإمام من قراءة الفاتحة إن وقع الاتفاق في التمام بخلاف من أخر قراءة الفاتحة إلى حال قراءة الإمام للسورة . كذا في النيل .




                                                                      الخدمات العلمية