الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              3464 [ 1440 ] وعن سلمة بن الأكوع أنه دخل على الحجاج فقال: يا ابن الأكوع، ارتددت على عقبيك؟ تعربت؟ قال: لا، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لي في البدو.

                                                                                              رواه البخاري (7078)، ومسلم (1862). [ ص: 71 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 71 ] وقول الحجاج لسلمة بن الأكوع " أرتددت؟ تعربت ؟ " استفهام على جهة الإنكار عليه؛ لأنه خرج من محل هجرته التي هي المدينة إلى البادية التي هي موطن الأعراب، لما كان المعلوم من حال المهاجر أنه يحرم عليه الانتقال منها إلى غيرها لا سيما إن رجع إلى وطنه، فإن ذلك محرم بإجماع الأمة على ما حكاه القاضي عياض ، وربما أطلق على ذلك ردة كما أطلقه الحجاج هنا، فأجابه سلمة بأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن له في ذلك، فكان ذلك خصوصا في حقه.

                                                                                              و " تعربت " أي: سكنت مع أعراب البادية، والبدو البادية ، وسميت بذلك لأنها يبدو ما فيها ومن فيها؛ أي: يظهر. أو لأن من خرج إليها من الحاضرة بدا؛ أي: ظهر. والحاضر أصله: النازل على الماء، كما قال:


                                                                                              من سبأ الحاضرين مأرب إذ يبنون من دون سيله العرما



                                                                                              وسمي به أهل القرى والحصون؛ لأنهم لا يرحلون عن ماء يجتمعون عليها.

                                                                                              وسؤال الأعرابي عن الهجرة إنما كان عن وجوبها عليه، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 72 ] بقوله " إن شأنها لشديد "؛ أي: إن أمرها صعب وشروطها عظيمة - ثم أخبره بعد ذلك بما يدل على أنها ليست واجبة عليه.

                                                                                              قلت: ويحتمل أن يكون ذلك خاصا بذلك الأعرابي لما علم من حاله وضعفه عن المقام بالمدينة، فأشفق عليه ورحمه؛ وكان بالمؤمنين رحيما [الأحزاب: 43].




                                                                                              الخدمات العلمية