الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بغض المتدينين بحجة إساءة وغلظة بعضهم مسلك خطير

السؤال

أنا فتاة من الأردن, عمري 20 عامًا, أخي ملتزم نوعًا ما, وأنا لست ملتزمة كثيرًا, وأكثر ما يغضبه مني أنني لا ألبس ملابس طويلة, فأنا أضع على رأسي شالًا وألبس ما يصل إلى ركبتي, وقد خضت تجربة حب فاشلة, والمشكلة أنه يضربني بشدة, ويصفني بالفاجرة, وأنا أعرف الحكم الشرعي للباسي, ولكن هل يجوز له ضربي وأبي موجود؟ فقد أصبحت أكره الرجال الملتزمين, وطموحي الارتباط بشاب غير ملتزم, وسوف أربي أطفالي على الأخلاق الغربية, وسيصبح عندي موقف سلبي من الدين, أليس للشرق من شغل سوى حدود زناري؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأخوك قد أخطأ بضربك ووصفك بالفجور, ولكن هذا لا يمنع أن من واجبه أن يأمرك بالمعروف وينهاك عن المنكر, ويمنعك من الحرام، وانظري التفصيل في الفتوى رقم: 190017.

وعلى أية حال: فلا حق لك في الإعراض عن النصح, والتمادي في المنكر بحجة إساءة أخيك وغلظته، ولا يسوغ أن تحملك الخصومة معه على بغض المتدينين, وتفضيل أخلاق الكفار ومبادئهم على مبادئ الإسلام, فذلك كلام خطير لا يليق بمسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر, وهو من العناد الذي يضر بصاحبه ويورده المهالك، قال تعالى مخبرًا عن نبيه شعيب - عليه السلام -: وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ {هود:89}، قال الطاهر ابن عاشور - رحمه الله - في التحرير والتنوير: .. والمقصود نَهْيُهُمْ عَنْ أَنْ يَجْعَلُوا الشِّقَاقَ سَبَبًا لِلْإِعْرَاضِ عَنِ النَّظَرِ فِي دَعْوَتِهِ، فَيُوقِعُوا أَنْفُسَهُمْ فِي أَنْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ مِثْلَ مَا أَصَابَ الْأُمَمَ قَبْلَهُمْ, فَيَحْسَبُوا أَنَّهُمْ يَمْكُرُونَ بِهِ بِإِعْرَاضِهِمْ وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ.

واعلمي أن احتجاجك بمقولة الشاعر الذي يهون من أمر الحجاب احتجاج باطل مردود، فالحجاب ليس بالأمر الهين, بل هو فرض من الفرائض الجليلة التي تحمي المجتمع, وتصون الأعراض, وتحفظ للمرأة كرامتها وعفتها، ولا شك أن تبرج النساء فساد عظيم, ومرض من الأمراض التي تفت في عضد الأمة, وتفسد دينها ودنياها، وانظري الفتوى رقم: 3350.

فالواجب عليك: التوبة إلى الله, والوقوف عند حدوده, وأن تجتهدي في تقوية صلتك بربك: بالحرص على مصاحبة الصالحات, وسماع الدروس والمواعظ النافعة, وكثرة الذكر والدعاء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني