الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو قال : بعتك هذا الثوب القز فإذا هو ملحم ينظر إن كان سداه من القز ، ولحمته من غيره لا ينعقد ، وإن كان لحمته من القز ، فالبيع جائز ; لأن الأصل في الثوب هو اللحمة ; لأنه إنما يصير ثوبا بها فإذا كانت لحمته من غير القز فقد اختلف الجنس فكانت العبرة للتسمية ، والمسمى معدوم فلم ينعقد البيع وإذا كانت من القز فالجنس لم يختلف فتعتبر الإشارة ، والمشار إليه موجود فكان محلا للبيع إلا أنه يثبت الخيار للمشتري ; لأن كون السدى منه أمر مرغوب فيه ، وقد فات فوجب الخيار ، وكذلك إذا قال : بعتك هذا الثوب الخز بكذا ، فإذا هو ملحم فهو على التفصيل إلا أن لحمته إذا كانت خزا وسداه من غيره حتى جاز البيع فقد قيل : إنه ينبغي أن لا يثبت الخيار للمشتري ههنا ; لأن الخز هكذا ينسج بخلاف القز .

                                                                                                                                ولو باع جبة على أن بطانتها وظهارتها كذا ، وحشوها كذا فإن كانت الظهارة من غير ما شرط لا ينعقد البيع ، وإن كانت البطانة والحشو مما شرط ، وإن كانت الظهارة مما شرط جاز البيع وإن كانت البطانة ، والحشو من غير ما شرط ; لأن الأصل هو الظهارة ألا ترى أنه ينسب الثوب إليها ، ويختلف الاسم باختلافها ؟ وإنما البطانة تجري مجرى التابع لها وكذا الحشو فكان المعقود عليه هو الظهارة ، وما سواها جاريا مجرى الوصف لها ففواته لا يمنع الجواز ، ولكنه يوجب الخيار لأنه فات شيء مرغوب فيه .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية