الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( ومنها ) أن تكون كاملة الذات ، وهو أن لا يكون جنس من أجناس منافع أعضائها فائتا ; لأنه إذا كان كذلك كانت الذات هالكة من وجه ، فلا يكون الموجود تحرير رقبة مطلقة فلا يجوز عن الكفارة ، وعلى هذا يخرج ما إذا أعتق عبدا مقطوع اليدين أو الرجلين أو مقطوع يد واحدة ورجل واحدة من جانب واحد ، أو يابس الشق مفلوجا أو مقعدا ، أو زمنا أو أشل اليدين ، أو مقطوع الإبهامين من اليدين أو مقطوع ثلاثة أصابع من كل يد سوى الإبهامين ، أو أعمى أو مفقود العينين ، أو معتوها مغلوبا ، أو أخرس ، أن لا يجوز عن الكفارة لفوات جنس من أجناس المنفعة ، وهي منفعة البطش بقطع اليدين وشللهما ، وقطع الإبهامين لأن قطع الإبهامين يذهب بقوة اليد فكان كقطع اليدين وقطع ثلاثة أصابع من كل يد ; لأن منفعة البطش تفوت به ، ومنفعة المشي بقطع الرجلين وبقطع يد ورجل من جانب ، والزمانة والفلج ومنعه النظر بالعمى وفقء العينين ، ومنفعة الكلام بالخرس ومنفعة العقل بالجنون .

                                                                                                                                ويجوز إعتاق الأعور ، ومفقود إحدى العينين ، والأعشى [ ص: 109 ] ومقطوع يد واحدة أو رجل واحدة ، ومقطوع يد ورجل من خلاف وأشل يد واحدة ومقطوع الأصبعين من كل يد سوى الإبهامين ، والعينين ، والخصي ، والمجبوب والخنثى ، والأمة الرتقاء والقرناء ، وما يمنع من الجماع ; لأن منفعة الجنس في هذه الأعضاء قائمة ، ويجوز مقطوع الأذنين ; لأن منفعة السمع قائمة ، وإنما الأذن الشاخصة للزينة ، وكذا مقطوع الأنف ; لأن الفائت هو الجمال ، ( وأما ) منفعة الشم فقائمة ، وكذا ذاهب شعر الرأس ، واللحية والحاجبين ; لأن الشعر للزينة ، وكذا مقطوع الشفتين إذا كان يقدر على الأكل ; لأن منفعة الجنس قائمة ، وإنما عدمت الزينة ، ولا يجزئ ساقط الأسنان ; لأنه لا يقدر على الأكل ففاتت منفعة الجنس .

                                                                                                                                ( وأما ) الأصم فالقياس أن لا يجوز لفوات جنس المنفعة ، وهي منفعة السمع فأشبه الأعمى ، ويجوز استحسانا ، لأن أصل المنفعة لا يفوت بالصمم ، وإنما ينتقص ; لأن ما من أصم إلا ويسمع إذا بولغ في الصياح إلا إذا كان أخرس كذا قيل ، فلا يفوت بالصمم أصل المنفعة بل ينتقص ، ونقصان منفعة الجنس لا يمنع جواز التكفير ، وقيل هذا إذا كان في أذنه وقر ، فأما إذا كان بحال لو جهر بالصوت في أذنه لا يسمع لا يجوز ، ولو أعتق جنينا لم يجزه عن الكفارة وإن كان ولد بعد يوم جنايته ; لأن المأمور به تحرير رقبة ، والجنين لا يسمى رقبة ولأنه لا يبصر فأشبه الأعمى .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية