الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو تبايعا عبدا بجارية ، والخيار للبائع ، فأعتق البائع العبد نفذ إعتاقه ، وانفسخ البيع ; لأن خيار البائع يمنع زوال العبد عن ملكه ، فقد أعتق ملك نفسه فنفذ ، وإن أعتق الجارية نفذ أيضا ، ولزم البيع ( أما ) على أصلهما ، فظاهر ; لأنه ملكها ، فأعتق ملك نفسه ( وأما ) على أصل أبي حنيفة ، وإن لم يملكها بالعقد لكن الإقدام على الإعتاق دليل عقد الملك إذ لا وجود للعتق إلا بالملك ، ولا [ ص: 267 ] ملك إلا بسقوط الخيار ، فتضمن إقدامه على الإعتاق إسقاط الخيار ، ولو أعتقهما معا ; نفذ إعتاقهما جميعا ، وبطل البيع ، وعليه قيمة الجارية ، وعندهما نفذ إعتاقهما ، ولا شيء عليه أما نفوذ إعتاقهما ( أما ) العبد ، فلا شك فيه ; لأنه لم يخرج عن ملك البائع بلا خلاف ( وأما ) الجارية ، فكذلك على أصلهما ; لأنها دخلت في ملكه ، وعند أبي حنيفة وإن لم تدخل في ملكه بنفس العقد ، فقد دخلت بمقتضى الإقدام على إعتاقهما على ما بينا ، فإعتاقهما صادف محلا مملوكا للمعتق ، فنفذ .

                                                                                                                                ( وأما ) لزوم قيمة الجارية عند أبي حنيفة ، فلأن العبد بدل الجارية ، وقد هلك قبل التسليم بالإعتاق ، وهلاك المبيع قبل التسليم يوجب بطلان البيع ، وإذا بطل البيع ، وجب رد الجارية ، وقد عجز عن ردها بسبب العتق ، فيغرم قيمتها ، ولو أعتق المشتري العبد أو الجارية لم ينفذ إعتاقه ( أما ) العبد ; فلأنه لم يدخل في ملكه ( وأما ) الجارية ; فلأنها خرجت عن ملكه ، والله عز وجل أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية