الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ازداد المبيع في يد المشتري فإن كانت الزيادة متصلة متولدة من الأصل كالسمن والجمال فإنها لا تمنع الفسخ ; لأن هذه الزيادة تابعة للأصل حقيقة والأصل مضمون الرد فكذلك التبع كما في الغصب ، وإن كانت غير متولدة من الأصل كما إذا كان المبيع سويقا فلته المشتري بعسل أو سمن فإنها تمنع الفسخ ; لأنه لو فسخ إما أن يفسخ على الأصل وحده وإما أن يفسخ على الأصل والزيادة جميعا ، لا سبيل إلى الأول لتعذر الفصل ولا سبيل إلى الثاني ; لأن الزيادة لم تدخل تحت البيع لا أصلا ولا تبعا فلا تدخل تحت الفسخ ، وإن كانت منفصلة فإن كانت متولدة من الأصل كالولد واللبن والثمرة لا تمنع الفسخ وللبائع أن يسترد الأصل مع الزيادة ; لأن هذه الزيادة تابعة للأصل لكونها متولدة منه .

                                                                                                                                والأصل مضمون الرد فكذا الزيادة كما في باب الغصب ، وكذا لو كانت الزيادة أرشا أو عقرا ; لأن الأرش بدل جزء فائت من الأصل حقيقة كالمتولد من الأصل ، والعقر بدل حاله حكم الجزء والعين فكأنه متولد من العين ثم في فصل الولد إذا كانت الجارية في يد المشتري فإن نقصتها الولادة وبالولد وفاء بالنقصان ; ينجبر النقصان بالولد عند أصحابنا الثلاثة خلافا لزفر كما في الغصب ، وسنذكر المسألة في كتاب الغصب إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                وإن لم تنقصها الولادة استردها البائع ولا شيء على البائع وإن نقصتها وليس بالولد وفاء بالنقصان ردها مع ضمان النقصان كما في الغصب ، وإن هلك الولد قبل الرد لا ضمان على المشتري بالزيادة كما في الغصب وعليه ضمان نقصان الولادة كما في الغصب ، ولو استهلك المشتري الزيادة ; ضمن كما في الغصب ، ولو هلك المبيع والزيادة قائمة فللبائع أن يسترد الزيادة ويضمن قيمة المبيع وقت القبض ; لأنهما كانا مضموني الرد إلا أنه تعذر استرداد المبيع لفوات المحل وصار مضمون القيمة فبقي الولد على حاله مضمون [ ص: 303 ] الرد كما كان ، وإن كانت الزيادة غير متولدة من الأصل كالهبة والصدقة والكسب فإنها لا تمنع الرد ، وللبائع أن يسترد الأصل مع الزيادة ; لأن الأصل مضمون الرد وبالرد ينفسخ العقد من الأصل فتبين أن الزيادة حصلت على ملكه إلا أنها لا تطيب له ; لأنها لم تحدث في ضمانه بل في ضمان المشتري فكانت في معنى ربح ما لم يضمن .

                                                                                                                                ولو هلكت هذه الزيادة في يد المشتري ; لا ضمان عليه ; لأن المبيع بيعا فاسدا مضمون بالقبض والقبض لم يرد على الزيادة لا أصلا ولا تبعا ، أما أصلا فلانعدامها عند القبض وأما تبعا فلأنها ليست بتابعة حقيقة بل هي أصل بنفسها ملكت بسبب على حدة لا بسبب الأصل ، وإن استهلكها المشتري فكذلك عند أبي حنيفة لا ضمان عليه وعندهما يضمن ، وأصل المسألة في الغصب أنه إذا استهلك الغاصب هذه الزيادة هل يضمن ؟ عنده لا يضمن ، وعندهما يضمن ، ونذكر المسألة في كتاب الغصب إن شاء الله تعالى ، ولو هلك المبيع وهذه الزيادة قائمة في يد المشتري تقرر عليه ضمان قيمة المبيع والزيادة للمشتري تقرر ضمان القيمة بخلاف المتولد كما في الغصب ، والفرق بين الزيادتين يذكر في الغصب إن شاء الله تعالى هذا إذا زاد المبيع في يد المشتري شراء فاسدا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية