الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) المكره فيحرم الميراث عند أبي حنيفة ومحمد والشافعي رضي الله عنهم ; لوجوب القصاص عليه ، وعند أبي يوسف وزفر - رحمهما الله - لا يحرم لانعدام وجوب القصاص عليه والكفارة ، والله سبحانه وتعالى أعلم هذا إذا كان المكره بالغا فإن كان صبيا وهو وارث المقتول لا يحرم الميراث ; لأن من شرط كون القتل جازما أن يكون حراما وفعل الصبي لا يوصف بالحرمة ، ولهذا إذا قتله بيد نفسه لا يحرم فإذا قتله بيد غيره أولى ، وكذلك المكره على قطع يد إنسان إذا قطع فهو على الاختلاف الذي ذكرنا في القتل غير أن صاحب اليد إذا كان أذن للمكره بقطع يده من غير إكراه فقطع لا ضمان على أحد ، وفي باب القتل إذا أذن المكره على قتله للمكره بالقتل فقتل فهو اختلاف الرواية في وجوب الدية على المكره ، والله سبحانه وتعالى أعلم والفرق أن الأطراف يسلك بها مسلك الأموال في بعض الأحوال ، والإذن بإتلاف المال المحض مبيح ، فالإذن بإتلاف ماله حكم المال في الجملة يورث شبهة الإباحة فيمنع وجوب الضمان بخلاف النفس يدل على التفرقة بينهما أنه إذا قال له : لتقطعن يدك وإلا لأقتلنك كان في سعة من ذلك ولا يسعه ذلك في النفس ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية