الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ، فأما إذا أكره على تعليق العتق بشرط ، أما حكم الجواز فلا يختلف في النوعين لما ذكرنا .

                                                                                                                                وأما حكم الضمان فقد يختلف بيان ذلك إذا أكره على تعليق العتق بفعل نفسه فإنه ينظر ، فإن كان فعلا لا بد منه بأن كان مفروضا عليه أو يخاف من تركه الهلاك على نفسه كالأكل والشرب ففعله حتى عتق يرجع بالضمان على المكره ; لأن الإكراه على تعليق العتق بفعل لا بد له منه إكراه على ذلك الفعل فكان مضافا إلى المكره ، وإن كان فعلا له منه بد كتقاضي دين الغريم أو تناول شيء له منه بد ففعل حتى عتق لا يرجع بالضمان على المكره ; لأنه إذا كان له منه بد لا يكون مضطرا إلى تحصيله إذ لا يلحقه بتركه كثير ضرر فأشبه الإكراه الناقص فلا يكون الإكراه على تعليق [ ص: 184 ] العتق إكراها عليه فلا يكون تلف المال مضافا إلى المكره فلا يرجع عليه بالضمان .

                                                                                                                                ولو أكره على أن يقول : كل مملوك أملكه فيما أستقبله فهو حر فقال ذلك ، ثم ملك مملوكا حتى عتق عليه ، فإن ملك بشراء أو هبة أو صدقة أو وصية لا ضمان على المكره ; لأنه إنما ملكه باختياره فيقطع إضافة إكراه الإتلاف إلى المكره ، وإن ملك بإرث فكذلك في القياس وفي الاستحسان يضمن ; لأنه لا صنع للمكره في الإرث فبقي الإتلاف مضافا إلى المكره ، ولو أكره على أن يقول لعبده : إن شئت فأنت حر فقال : شئت حتى عتق ضمن المكره ; لأن مشيئة العبد العتق توجد غالبا فأشبه التعليق بفعل لا بد منه فكان الإكراه على الإعتاق إكراها عليه هذا إذا أكره على تعليق العتق بالشرط .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية