الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو أوصى بمثل نصيب أحدهم إلا ثلث ما بقي من الثلث بعد النصيب فالمسألة تخرج من سبعة وخمسين ، فالنصيب عشرة ، والاستثناء ثلاثة ، ولكل ابن عشرة .

                                                                                                                                ( أما ) على طريقة الحشو فهو أنك تأخذ نصيب الورثة على عددهم ، وذلك خمسة ، وتزيد عليها واحدا فتصير ستة ثم اضرب ستة في ثلاثة لقوله : إلا ثلث ما بقي من الثلث بعد النصيب فتصير ثمانية عشر ، ثم زد عليها سهما ; لأن الاستثناء من وصيته يوجب زيادة [ ص: 363 ] في نصيب الورثة ، وهي شائعة في كل المال فتزيد على كل ثلث سهما كما كنت تنقص في المسائل المتقدمة من كل ثلث سهما ; لأن النقصان هناك ما كان لذاته لما ذكرنا ، ولاستقامة الحساب ، وههنا لا يستقيم إلا بالزيادة فتزاد فتصير تسعة عشر ، فاجعل هذا ثلث المال ، وثلثاه مثلاه ، وذلك ثمانية وثلاثون ، وجميع المال سبعة وخمسون .

                                                                                                                                وإذا أردت معرفة النصيب فالنصيب كان واحدا فاضربه في ثلاثة ، ثم اضرب ثلاثة في ثلاثة لما ذكرنا فتصير تسعة ثم زد عليها واحدا كما زدت في الابتداء فتصير عشرة فهذا هو النصيب ، وبقي إلى تمام ثلث المال تسعة فاستثن من النصيب مقدار ثلث ما بقي ، وهو ثلاثة فإذا استثنيت من العشرة ثلاثة يبقى للموصى له سبعة أسهم فضم المستثنى ، وهو الثلاثة مع ما بقي ، وهو تسعة وذلك اثنا عشر إلى ثلثي المال ، وذلك ثمانية وثلاثون فتصير خمسين فاقسمها على البنين الخمس لكل ابن عشرة ، مثل ما كان للموصى له قبل الاستثناء .

                                                                                                                                وأما طريقة الخطائين : فهي أن تجعل الثلث على عدد لو أعطيت منه نصيبا يبقى وراءه ثلاثة ، ولو استثنيت من النصيب ثلث ما يبقى يبقى وراءه سهم .

                                                                                                                                وأقل ذلك أن يجعل الثلث على خمسة أسهم فأعط للموصى له بالنصيب سهمين ، ثم استثن منه مثل ثلث ما يبقى ، وهو واحد ، وضمه إلى ما بقي فتصير أربعة فضمها إلى ثلثي المال ، وهو عشرة أسهم فتصير أربعة عشر سهما .

                                                                                                                                وحاجتك إلى عشرة أسهم لكل ابن سهمان مثل ما أعطيت للموصى له بالنصيب ، فظهر أنك أخطأت بزيادة أربعة أسهم ، فزد في النصيب سهما فتصير ثلاثة ووراءه ثلاثة ثم استثن منه سهما ، وضمه إلى ما بقي فتصير أربعة ثم ضمها إلى ثلثي المال ، وذلك اثنا عشر فتصير ستة عشر ، وحاجتك إلى خمسة عشر لكل ابن ثلاثة ، مثل ما أعطيت للموصى له بالنصيب ، فظهر أنك أخطأت بسهم ، والخطأ الأول كان بأربعة ، فظهر أن بزيادة سهم على النصيب يذهب ثلاثة أسهم من الخطأ ، فتعلم أن بزيادة ثلاثة أسهم أخر يذهب ما بقي من الخطأ ، فرد ثلثا آخر فيصير النصيب ثلاثة أسهم ، وثلث سهم ، وما بقي ثلاثة أسهم فتصير ستة أسهم ، وثلث سهم ، فاضربها في ثلاثة فتصير تسعة عشر فهذا ثلث المال ، والنصيب ثلاثة وثلث سهم مضروب في ثلاثة فيكون عشرة ، والاستثناء منه ثلاثة فذلك سبعة ، وهي للموصى له ، ولكل ابن عشرة فخرجت الفريضة من سبعة وخمسين .

                                                                                                                                وهذا إذا استثنى ثلث ما يبقى من الثلث بعد النصيب ، فأما إذا استثنى ربع ما يبقى من الثلث بعد النصيب ، بأن أوصى له بمثل نصيب أحد بنيه الخمس إلا ربع ما يبقى من الثلث بعد النصيب ، فالفريضة من خمسة وسبعين ، النصيب منها ثلاثة عشر ، والاستثناء ثلاثة ، ولكل ابن أربعة عشر .

                                                                                                                                ( أما ) طريقة الحشو : فما ذكرنا أن تأخذ عدد البنين ، وتزيد عليه سهما فتصير ستة ثم اضربه في مخرج الربع ، وذلك أربعة فتصير أربعة وعشرين ، ثم زد عليها واحدا لما ذكرنا فتصير خمسة وعشرين فاجعل هذا ثلث المال ، وثلثاه مثلاه ، وذلك خمسون ، وجميع المال خمسة وسبعون ، هذا لمعرفة أصل المال .

                                                                                                                                ( وأما ) معرفة النصيب : فإن كان واحدا فاضربه في أربعة لما ذكرنا فيما تقدم فيصير أربعة ثم اضرب أربعة في ثلاثة فتصير اثني عشر فزد عليها واحدا لما ذكرنا أيضا ، فتصير ثلاثة عشر هذا هو النصيب ، فيبقى إلى تمام ثلث المال ، وهو خمسة ، وعشرون اثنا عشر فاسترجع من النصيب بحكم الاستثناء ربع ذلك ، وهو ثلاثة فبقي للموصى له عشرة ، ثم ضم هذه الثلاثة إلى اثني عشر فاسترجع من النصيب بحكم الاستثناء ربع ذلك ، وهو ثلاثة فبقي للموصى له عشرة ، ثم ضم هذه الثلاثة إلى اثني عشر فتصير خمسة عشر ، ثم تضمها إلى ثلثي المال خمسون فتصير خمسة وستين ، فاقسم بين البنين الخمس لكل واحد ثلاثة عشر ، مثل ما كان للموصى له بالنصيب قبل الاستثناء .

                                                                                                                                ( وأما ) طريقة الخطائين : فهي أن تجعل ثلث المال عددا إذا أعطيت منه النصيب يبقى وراءه أربعة ، وإذا استثنيت من النصيب مثل ربع ما بقي من الثلث بعد النصيب يبقى وراءه سهم ، وأقل ذلك ستة فاجعلها ثلثي المال ، فأعط بالنصيب سهمين ، ثم استرجع منه بالاستثناء مثل ربع ما بقي ، وذلك سهم ، وضمه إلى ما بقي فتصير خمسة ثم ضمها إلى ثلثي المال ، وذلك اثنا عشر فتصير سبعة عشر ، فتبين أنك أخطأت بزيادة سبعة ، وإن حاجتك إلى العشرة لكل ابن سهمان ، مثل ما أعطيت لصاحب النصيب ; لأن نصيبه مثل نصبهم فزد في النصيب سهما فتصير ثلاثة فأعط بالنصيب ثلاثة أسهم ، ثم استرجع منه مثل ربع ما يبقى ، وهو سهم ، وضمه إلى ما بقي ، وذلك أربعة فتصير خمسة فضمها إلى ثلثي المال ، وذلك أربعة عشر فتصير تسعة عشر فيظهر أنك أخطأت في [ ص: 364 ] هذه الكرة بأربعة ; لأن حاجتك إلى خمسة عشر لكل ابن ثلاثة مثل ما أعطيت للموصى له بالنصيب ، وتبين لك أنك مهما زدت في النصيب سهما انتقص من سهام الخطأ ثلاثة ، وقد بقي من سهام الخطأ أربعة ، وأنك تحتاج إلى إذهابها ، فزد في النصيب قدر ما يذهب به ، وهو أربعة فزد في النصيب سهما ، وثلث سهم حتى تذهب به سهام الخطأ كلها فصار النصيب أربعة أسهم ، وثلث سهم ، وما بقي أربعة أسهم فتصير ثمانية أسهم ، وثلث سهم فاضربها في ثلاثة فتصير خمسة ، وعشرين ، وهي ثلث المال ، وثلثاه مثلاه ، وذلك خمسون ، وجملته خمسة ، وسبعون ، والنصيب أربعة أسهم ، وثلث سهم مضروب في ثلاثة فيكون ثلاثة عشر استثن منها ثلاثة فيبقى عشرة ، ثم ضم هذه الثلاثة إلى اثني عشر يصير خمسة عشر ، ثم تضم إلى ثلثي المال ، وذلك خمسون فتصير خمسة وستين ، واقسمه بين البنين الخمسة لكل ابن ثلاثة عشر ، مثل ما كان للموصى له قبل الاستثناء ، والتخريج على طريقة الجامع الأصغر ، والأكبر على نحو ما ذكرنا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية