الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل الرابع

                                                                                                                في التعريض بالنفي

                                                                                                                في الكتاب : قال لعربي يا فارسي ، أو نحوه ، حد ، أو قال : يا ابن الأقطع ، واختلف عن مالك في القائل لبربري أو رومي : يا حبشي ، هل عليه الحد أم لا ؟ . قال ابن القاسم : وأرى عدم الحد ، إلا أن يقول له : يا ابن الأسود ، وليس في آبائه أسود . وإن قال لفارسي : يا عربي ، لم يحد ، أو لعربي : يا فارسي : أو لمصري يا يماني ، أو لعبسي : يا كلبي ، حد ; لأن العرب تنسب إلى آبائها ، وهذا نفي [ ص: 101 ] لها ، أو قال : يا ابن الأعجمي ، وليس أحد من آبائه كذلك ، حد ، أو يا ابن الحجام أو الخياط ، وهو من العرب ، جلد الحد ، إلا أن يكون في آبائه ، أو من الموالي ، حلف : ما أراد قطع نسبه ; لأن هذه الصفات في الموالي أكثر من العرب . ويا ابن المطوق ، يعني : الراية التي تجعل في الأعناق ، لا يحد في الموالي دون الأعراب ; لأن هذه الأعمال أعمال الموالي . وإن قال : يا يهودي ، لم يحد ، بخلاف يا ابن اليهود ، إلا أن يكون من آبائه يهودي . قال ابن يونس : يا ابن البربرية ، وأمه عربية ، قال عبد الملك : لا يحد ; لأنه لا نفي على الأم ، وقال مطرف : يحد إلا أن يسميها باسمها ; لأنه نفى أمه من ابنها . وسواء قال لرومي : يا حبشي ، أو يا ابن الحبشي ، لا يحد ، ويحلف ما أراد نفيه . ولمالك في الحد قولان . وفي النوادر : إن قال لمولى : ليس فلان أعتق أباك ، وهو الذي أعتقه ، حد ; لأنه نفاه عن أنه عتيق هذا . وإن قال الأب : ليس فلان أعتقك ، لم يحد ، وقال ابن وهب : لا يحد فيهما ; لأنه نفى عتقا لا نسبا ، ويعاقب . وفي الجواهر : وإن قال : ما لك أصل ولا فصل ، فعن ابن القاسم : لا يحد ، وقال أصبغ : يحد ، بناء على قوله : إنه أراد النفي أو الشتم ، وقيل : إلا أن يكون من العرب ، فعليه الحد . وإن قال لابن أمة أو كتابية : يا ابن الزانية ، لم يحد ، أو يا ابن زنية ، حد . والفرق : أن الثاني نفي نسب بإضافته إلى فعل لا يلحق الولد فيه ، والأول قذف لأمه . وإن قال مولى لعربي : أنا خير منك ، حد ، وكذلك لو قاله أحد ابني عم لصاحبه . قال أبو إسحاق : في المسألتين اختلاف ، وبهذا أقول .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية