الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الحكم الثالث : ماله . ففي الجواهر : يوقف ، إن عاد أخذه ; لزوال المانع كدمه ; وروى الشيخ أبو إسحاق أن ماله لا يعود إليه كالحربي إذا أسلم بعد الغنيمة ، وإن قتل على ردته ففيء ، إلا أن يكون عبدا فلسيده . وفي النوادر قال ابن القاسم : يطعم من ماله زمن ردته ، وإن باع ، واشترى بعد [ ص: 44 ] حجر السلطان فلحقه دين فقيل لم يكن دينه في هذا المال ، بل في كل ما أفاد من حين حجر عليه بهبة أو غيرها ; لأنه انتقل للمسلمين ، وكل ما باع ، أو عمل ، أو اتجر ، أو اشترى ، أو تصدق به عليه فدينه فيه حتى يوقفه السلطان للقتل ، فلا يلحقه دين إن قتل ; لعدم الذمة بعدم الأهلية ، وإن رجع فدينه في ماله وذمته . قال ابن القاسم : وإذا تزوج وبنى فلا صداق لها . قال سحنون : ردته حجر ، ولا يحتاج إلا أن يتابعه أحد في ذمته ، أو يزوجه في ذمته ، كما يبايع المفلس في ذمته ، وإن باع شيئا تعقبه الإمام فيمضي الغبطة ، ويرد المحاباة إن قتله ، وإن تاب كانت عليه ، وإن تزوج وبنى فإن قتل فلا شيء لها ، وإن تاب فلها الصداق ، وفي الموازية ، ما باع ، أو اشترى ، أو أقر به قبل الحجر باطل ، بخلاف نكاحه ، وما أقر به ، أو باع بعد الحجر لم يدخل في ماله إلا أن يتوب ، ومن أظهر ردته فقتل فماله لبيت المال ، وتبطل وصاياه وهو مسلم ، إلا ما ليس له فيه رجوع كالمدبر ، فهو من ثلثه يوم قتل ، أو ما خرج منه ، ومعتقه إلى أجل ، وأم ولده ، وبدينه حالة الإسلام ، يلزمه ذلك كله ، وما كان من ذلك بعد ردته ، فهو باطل إن مات ، أو قتل ، وإن كان قبل الحجر ( قاله أشهب ) ، وقال ابن القاسم : تلزمه ديونه التي أدانها قبل الحجر ، وينفذ إقراره ، وإن رجع إلى الإسلام لزمه ذلك كله ، ويرجع إليه ماله إلا أمهات الأولاد ففيهن خلاف ، قال ابن القاسم : يرجعن يطؤهن ، وقال أشهب : عتقن بالردة كامرأته ، وعن ابن القاسم : ما ادان قبل الردة يلزمه ، [ ص: 45 ] أو بعد الحجر فهدر إن مات أو قتل ، ولازم إن تاب . قال محمد : وهو أصح ما سمعت . قال ابن القاسم : لا ينفق من ماله على ولده ولا على عياله ; لأنه معسر بالردة ، ولا من قلنا يعتق عليه ولده المسلم عند ابن القاسم كالكافر الأصلي مع العبد المسلم ، وإن فقدوا فلبيت المال ، وقال أشهب : بل للمسلمين ; لأن الردة قطعت نسبه . قال ابن القاسم : ما اعتق في ردته أو كاتب فردت كتابته ، فولاؤه للمسلمين ; لأنه لا يثبت له ولاء ، ولا يأخذ بالشفعة ; لأن الله تعالى إنما ملك لضرورة الحياة ، وهذا ميت شرعا ، ويرث العبد المرتد سيده ، وكذلك من فيه علقة رق ; لأنه يرث بالملك ، لا بأسباب الميراث .

                                                                                                                فرع :

                                                                                                                في الموازية : إن شهد عليه واحد بالردة في رمضان ، وآخر عليه بها في ذي القعدة ، ومات من يرثه في شوال . ورثه ; لأن الردة لا تثبت عليه إلا في ذي القعدة ; لأن النصاب لم يكمل إلا فيها . قال ابن القاسم : إن مات للمرتد ولد مسلم ورثه غير الأب ، ولا يرثه الأب ، وإن رجع للإسلام ; لأن الردة نقلت الميراث لغيره ، وقال أشهب : يرثه إن رجع لزوال المانع .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية