الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويشترط ) فيما يؤديه في الفطرة ( كونه فاضلا ) أيضا ابتداء ( عن ) ما يليق به من ( مسكن ) له ولممونه ( وخادم يحتاج إليه في الأصح ) كالكفارة ولأنهما من الحوائج المهمة كالثوب ، فلو كانا نفيسين يمكن إبدالهما بلائقين به ويخرج التفاوت لزمه ذلك كما قاله الرافعي في الحج ، قال لكن في لزوم بيعهما إذا كانا مألوفين وجهان في الكفارة فيجريان هنا ، وفرق في الشرح الصغير والروضة بأن للكفارة بدلا : أي في الجملة فلا تنتقض بالمرتبة الأخيرة منها ، والحاجة للخادم إما لمنصبه أو لضعفه والمراد بها أن يحتاجه لخدمته وخدمة من تلزمه خدمته لا لعمله في أرضه أو ماشيته ، قاله في المجموع ويقاس به حاجة المسكن ، ولا بد أيضا أن يجدها فاضلة عن دست ثوب يليق به وبممونه كما أنه يبقى له في الديون ، ولا يشترط كونها فاضلة عن دينه ولو لآدمي كما رجحه في الشرح الصغير ، وقال في الأنوار : إنه القياس ، واقتضاه كلام الشافعي والأصحاب لأن الدين لا يمنع الزكاة كما سيأتي ، ولا يمنع إيجاب نفقة الزوجة والقريب فلا يمنع إيجاب الفطرة التابعة لها ، وإنما لم يمنع الدين [ ص: 116 ] وجوبها لأن ماله لا يتعين صرفه له وإنما بيع المسكن والخادم فيه تقديما لبراءة ذمته على الانتفاع بهما ; لأن تحصيلهما بالكراء أسهل ، فسقط ما قيل إنه مشكل بتقديم المسكن والخادم عليها والمقدم على المقدم مقدم ، ويباع حتما جزء عبد غير الخدمة فيها ولو مرهونا والسيد معسر بقدر الزكاة على أوجه الأوجه فإن لزمت الفطرة الذمة بيع فيها حتما ما يباع في الدين ولو عبد خدمة ومسكنا وإن لم يباعا ابتداء لالتحاقها بالديون ، ومقابل الأصح لا لأن الكفارة لها بدل بخلاف الفطرة .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : عما يليق به من مسكن ) أي ولو مستأجرا له مدة طويلة ، ثم الأجرة إن كان دفعها للمؤجر أو استأجرها بعينها فلا حق له فيها وهو معسر وإن كانت في ذمته فهي دين عليه وهو لا يمنع الوجوب والمنفعة ، وإن كانت مستحقة له بقية المدة لا يكلف نقلها عن ملكه بعوض لاحتياجه لها .

                                                                                                                            ( قوله : وخادم يحتاج إليه ) قيد في شرح البهجة الحاجة بالناجزة ، وكتب عليه سم : قد يقتضي أنه لو لم يحتج لهما في ليلة العيد ويومه ويحتاج لهما بعد ذلك لم يشترط الفضل عنهما ، وكتب أيضا قوله يوم عيد وليلته ، ينبغي أن يكون هذا ظرفا لما سلف أيضا من الخادم والمنزل وغيرهما ، قاله الجوهري وهو محل نظر شوبري ا هـ .

                                                                                                                            ووجه النظر أنه يعد الآن محتاجا فالأظهر أنه لا يكلف بيعه .

                                                                                                                            ( قوله : كما قاله الرافعي ) أي بالنسبة لوجوب الحج بدليل قول الشارح في آخر الباب ينبغي جريانه في الحج كما مر أي ومثل الحج زكاة الفطر فيجري الفرق المذكور فيها أيضا ا هـ سم على شرح البهجة .

                                                                                                                            ( قوله : وفرق إلخ ) معتمد : أي بين وجوب بيع المألوفين هنا دون الكفارة ( قوله : ويقاس به حاجة المسكن ) أي فيقابل هي أن يحتاجه لسكنه أو سكن من تلزمه مؤنته لا لحبس دوابه أو خزن تبن مثلا لها فيه ( قوله : فاضلة عن دست ثوب ) أو بدله ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأحوال فيترك له في كل زمن ما يليق به .

                                                                                                                            ( قوله : ولا يشترط كونها فاضلة عن دينه ) خلافا لحج ( قوله : لأن الدين لا يمنع الزكاة ) معتمد [ ص: 116 ] قوله : لا يتعين صرفه له ) أي الدين ( قوله : وإنما بيع المسكن والخادم فيه ) أي الدين ( قوله : ولو مرهونا ) المتبادر منه أن جزأه يباع في حال الرهن فتقدم الزكاة على حق المرتهن وهو مشكل لأن حقه متعلق بالعين ، ويقدم به على غيره حتى مؤن تجهيز المالك لو مات ، إلا أن يقال المراد أنه يباع بعد فكاك الرهن وأنه بالفكاك يتبين أنه كان موسرا بخلاف ما لو بيع لكنه خلاف الظاهر ، وعلى ما هو الظاهر يمكن توجيهه بأن زكاة الفطر لما وجبت على بدن العبد كانت كالأرش والمجني عليه يقدم به فكذا المستحق . أما ما وجب على السيد عن نفسه وممونه غير المرهون فلا يباع فيه المرهون إلا بعد زكاته لأنه يتبين بذلك أنه كان موسرا قبل الوجوب ( قوله : فإن لزمت الفطرة الذمة بيع ) أي بأن تمكن من إخراجها ولم يفعل .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 114 - 115 ] قوله ابتداء ) متعلق بقوله يشترط وكان الأولى ذكره عقبه كما صنع في التحفة ، وسيأتي محترزه في قوله فإن لزمت [ ص: 116 ] الفطرة الذمة إلخ ( قوله : لأن ماله لا يتعين صرفه له ) الضمير في لأنه للفاضل وفي نسخ لأن ماله إلخ




                                                                                                                            الخدمات العلمية