الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويصح بيع صاع من صبرة ) وهي الكوم من الطعام ومثل ذلك بيع صاع من جانب منها معين ، وخرج بها نحو أرض وثوب كما يعلم مما يأتي ( تعلم صيعانها ) للمتعاقدين كعشرة لانتفاء الغرر وينزل ذلك على الإشاعة فلو تلف بعضها تلف بقدره من البيع ( وكذا إن جهلت ) صيعانها لهما يصح البيع ( في الأصح ) لتساوي أجزائها فلا غرر ، وللمالك أن يعطي من أسفلها وإن لم يكن مرئيا إذ رؤية ظاهر الصبرة كرؤية باطنها وينزل على صاع مبهم ، حتى لو لم يبق منها غيره تعين وإن صب عليها مثلها أو أكثر لتعذر الإشاعة [ ص: 409 ] مع الجهل ، ويفارق بيع ذراع من نحو أرض مجهولة الذرعان وشاء من قطيع وبيع صاع منها بعد تفريق صيعانها ولو بالكيل بتفاوت أجزاء نحو الأرض غالبا وبأنها بعد التفريق صارت أعيانا متميزة لا دلالة لإحداها على الأخرى فصار كبيع أحد الثوبين ، ومحل الصحة هنا حيث لم يريدا صاعا معينا منها أو لم يقل من باطنها أو إلا منها وأحدهما يجهل كيلها للجهل بالمبيع بالكلية وحيث علم بأنها تفي بالمبيع ، أما إذا لم يعلم ذلك فلا يصح البيع للشك في وجود ما وقع عليه ، صرح به الماوردي والفارقي وغيرهما ، ونظر فيه ; لأن العبرة هنا بما في نفس الأمر فقط فلا أثر للشك في ذلك إذ لا تعبد هنا ، ولو كانت الصبرة على موضع فيه ارتفاع وانخفاض فإن علم المشتري بذلك فهو كبيع الغائب ; لأن الاختلاف يمنع الرؤية عن إفادة التخمين ; ولأنه يضعف في حالة العلم ، فإن ظن الاستواء صح في الأصح وثبت له الخيار .

                                                                                                                            قال البغوي وغيره : ولو كان تحتها حفرة صح البيع وما فيها للبائع ، لكن رده في المطلب بأن الغزالي وغيره جزموا بالتسوية بينهما ، لكن الخيار في هذه للبائع وفي تلك للمشتري وهذا هو المعتمد .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وهي الكوم من الطعام ) أي البر ونحوه مما تكفي رؤية ظاهره ، وقضيته أن الكوم من الدراهم ونحوها لا يسمى صبرة ، وعبارة المصباح : والصبرة من الطعام جمعها صبر مثل غرفة وغرف ، وعن ابن دريد : اشتريت الشيء صبرة : أي بلا كيل ولا وزن ا هـ .

                                                                                                                            وهو ظاهر في عدم اختصاص الصبرة بكونها من الطعام ، ويأتي في الربا ما يوافقه ، ومنه قول الشارح عند قول المصنف ولو باع جزافا إلخ مما نصه : أو صبرة دراهم بأخرى موازنة ا هـ .

                                                                                                                            وقد يقال : ما نقل عن ابن دريد معنى آخر للصبرة هو عبارة عن عدم العلم بقدر المبيع فلا يفيد اختصاصها بالطعام ولا عدمه ( قوله : لهما ) أي أو لأحدهما حج .

                                                                                                                            وقد يتوقف فيه بأن العالم منهما بقدرها صيغته محمولة على أن المبيع جزء شائع وصيغة الجاهل محمولة على أن المراد أي صاع كان فلم يكن المعقود عليه معلوما لهما فالقياس البطلان ، وقد يؤيده إسقاط الشارح له ( قوله : أن يعطي من أسفلها ) أي في صورة الجهل فقط ، بخلاف صورة العلم فإن البيع فيها ينزل على الإشاعة ( قوله : وإن صب عليها ) هل يجري في معلومة الصيعان مع الإشاعة فإذا تلف من الجملة تلف من المبيع بقدره ينبغي نعم ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            وبقي ما لو كان المبيع صاعا من عشرة وانصب عليها عشرة أخرى مثلا وتلف بعضها وبقيت العشرة فهل يحكم بأن الباقي شركة على الإشاعة وحصر التالف فيها يخص البائع فيه نظر ، والأقرب أنه كذلك ; لأن الأصل عدم انفساخ [ ص: 409 ] العقد ( قوله : ويفارق بيع ذارع إلخ ) أي فإنه لا يصح ( قوله : صاعا معينا ) أي ومبهما أيضا ويصور ذلك بما لو اختلطت ورقة من شرح المحلي مثلا بشرح المنهج مثلا ( قوله : وأحدهما ) أي والحال ( قوله : وحيث علم ) عطف على حيث لم يريدا إلخ ( قوله : صرح به الماوردي ) معتمد ( قوله : ونظر فيه ) ضعيف ( قوله : فلا أثر للشك إلخ ) قال حج : فالذي يتجه أنه متى بان أكثر منها كبعتك منها عشرة فبانت تسعة بان بطلان البيع ، وكذا إذا بانا سواء ; لأنه خلاف صريح ، من التبعيضية بل والابتدائية ( قوله : فإن علم المشتري بذلك ) أي بالإخبار دون الشهادة ، أما إذا علم بالمشاهدة فيصح البيع ( قوله : ولو كان تحتها حفرة ) أي بالإخبار نظير ما تقدم في الدكة ( قوله : وما فيها ) أي ويكون ما فيها إلخ ( قوله : جزموا بالتسوية بينهما ) أي الحفرة والدكة ( قوله : لكن الخيار في هذه ) أي الحفرة ( قوله : وفي تلك ) أي موضع فيه ارتفاع ( قوله : وهذا هو المعتمد ) خلافا لحج حيث أقر كلام البغوي وقال : والفرق بين الحفرة والانخفاض واضح



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 409 ] ( قوله فلا يصح البيع للشك ) أي إن وفت بالمبيع بالفعل ( قوله : لأن العبرة هنا إلخ ) أي الصورة أنها وفت بالمبيع .




                                                                                                                            الخدمات العلمية