الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( و ) ثالثها الدعاء المأثور فيسن ( أن يقول أول طوافه ) وكذا في كل طوفة كما في المجموع لكن الأول آكد ( بسم الله ) أطوف ( والله أكبر ) واستحب الشيخ أبو حامد رفع اليدين عند التكبير ( اللهم ) أطوف ( إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء ) أي تماما ( بعهدك ) وهو الميثاق الذي أخذه الله تعالى علينا بامتثال أمره واجتناب نهيه ( واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ) اتباعا للسلف والخلف وإيمانا وما بعده مفعول لأجله ، والتقدير : أفعله إيمانا بك إلى آخره . وأفاد بعض العلماء أن الله تعالى لما خلق آدم استخرج من صلبه ذريته ، وقال { ألست بربكم قالوا بلى } فأمر أن يكتب بذلك عهد ويدرج في الحجر الأسود ( وليقل ) ندبا ( قبالة الباب ) بضم القاف : أي في الجهة التي تقابله ( اللهم البيت بيتك والحرم حرمك والأمن أمنك ، وهذا مقام العائذ بك من النار ) ويشير إلى مقام إبراهيم صلى الله عليه وسلم كما في الأنوار خلافا لابن الصلاح حيث ذهب إلى أنه يعني نفسه .

                                                                                                                            وعند الانتهاء إلى الركن العراقي : اللهم إني أعوذ بك من الشك والشرك والنفاق والشقاق وسوء الأخلاق وسوء المنظر في الأهل والمال والولد ; وعند الانتهاء إلى تحت الميزاب : اللهم أظلني في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك ، واسقني بكأس محمد صلى الله عليه وسلم شرابا هنيئا لا أظمأ بعده أبدا يا ذا الجلال والإكرام ، وبين الركن الشامي واليماني : اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا وعملا مقبولا وتجارة لن تبور يا عزيز يا غفور : أي واجعل ذنبي مغفورا وقس به الباقي ، والمناسب للمعتمر أن يقول عمرة مبرورة ، ويحتمل استحباب التعبير بالحج مراعاة للخبر ويقصد المعنى اللغوي وهو القصد نبه عليه [ ص: 286 ] الإسنوي في الدعاء الآتي في الرمل ، ومحل الدعاء بهذا إذا كان في ضمن حج أو عمرة وإلا فيدعو بما أحب ( وبين اليمانيين : اللهم ) وفي المجموع ربنا ( آتنا في الدنيا حسنة ) قيل هي المرأة الصالحة ، وقيل العلم ، وقيل غير ذلك ( وفي الآخرة حسنة ) قيل هي الجنة ، وقيل العفو ، وقيل غير ذلك ( وقنا عذاب النار ) قال الشافعي رضي الله عنه : وهذا أحب ما يقال في الطواف إلي وأحب أن يقال في كله : أي الطواف ( وليدع بما شاء ) في جميع طوافه فهو سنة مأثورا كان أو غيره وإن كان المأثور أفضل كما قال ( ومأثور الدعاء ) بالمثلثة : أي المنقول من الدعاء في الطواف ( أفضل ) من غيره و ( من القراءة ) فيه للاتباع ( وهي أفضل من غير مأثوره ) ; لأن الموضع موضع ذكر ، والقرآن أفضل الذكر لخبر { يقول الله تعالى : من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على سائر خلقه } . ويسن إسرار ما ذكر ; لأنه أجمع للخشوع ويراعي ذلك في كل طوفة اغتناما للثواب وهو في الأول ثم في الأوتار آكد .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 285 ] قوله : رفع اليدين ) يحتمل أنه كرفع الصلاة ، ويحتمل غيره ، والأول هو الظاهر ، ثم رأيت حج جزم بذلك حيث قال : وفي الرونق يسن رفع يديه حذو منكبيه في الابتداء كالصلاة ( قوله : استخرج من صلبه ذريته ) ظاهره أن جملة الذرية خرجت من نفس صلب آدم ، وهو مخالف لظاهر قوله تعالى { وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم } .

                                                                                                                            وفي تفسير الخطيب ما نصه : أي بأن أخرج بعضهم من صلب بعض نسلا بعد نسل كنحو ما يتوالدون كالذر ونصب لهم دلائل على ربوبيته وركب فيهم عقلا عرفوه به كما جعل للجبال عقولا حتى خوطبوا بقوله تعالى { يا جبال أوبي معه والطير } وكما جعل للبعير عقلا حتى سجد للنبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لما خلق الله تعالى آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة وهو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة ، ثم جعل بين عيني كل إنسان وبيصا من نور وعرضهم على آدم ، قال : أي رب من هؤلاء قال : ذريتك ، فرأى رجلا منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه ، فقال : يا رب من هذا ؟ قال : داود ، قال : يا رب كم جعلت عمره ؟ قال : ستين سنة ، قال : يا رب زده من عمري أربعين سنة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلما انقضى عمر آدم إلا أربعين سنة جاءه ملك الموت ، فقال آدم : أو لم يبق من عمري أربعون سنة ؟ قال : أولم تعطها ابنك داود ؟ فجحد آدم فجحدت ذريته ، ونسي آدم فأكل من الشجرة فنسيت ذريته ، وخطئ فخطئت ذريته } أخرجه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح ( قوله : ويشير إلى مقام إبراهيم ) أي إشارة قلبية ( قوله : إلى الركن العراقي ) هو أول الشاميين [ ص: 286 ] قوله : وفي المجموع إلخ ) ظاهره أنه بدل اللهم وفي المحلي ما نصه : وفي المحرر والشرح ربنا : أي بدل اللهم وفي الروضة اللهم ربنا ( قوله : ربنا آتنا في الدنيا حسنة ) عبارة حج فيهما أقوال كل منها عين أهم أنواع الحسنة عنده وهو كالتحكم فالوجه أن مراده بالأول كل خير دنيوي يجر لخير أخروي ، وبالثانية كل مستلذ أخروي يتعلق بالبدن والروح ( قوله ويسن إسرار ما ذكر ) أي ما لم يخش الغلط عند الإسرار




                                                                                                                            الخدمات العلمية