الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : التركة دنانير ودراهم حاضرة وعروض حاضرة وغائبة ، فصالح أحد الورثة الآخر على دراهم من التركة ، جاز إن كانت قدر إرثهما من الدراهم بأقل ، وإلا امتنع ; لأنه بيع عروض حاضرة وغائبة ، ودنانير بدراهم نقدا ، فإن صالح على دنانير ودراهم من غير التركة امتنع ، قلت أم كثرت ; لأنه صرف وبيع أو على عروض من غير التركة نقدا جاز بعد معرفتهما بتفاصيل التركة ; لأنه بيع ، فإن كانت التركة كلها حاضرة دراهم ودنانير ، أو عروض ليس فيها دين ولا غائب ; جاز على دنانير من التركة إذا كانت الدراهم قليلة لا [ ص: 349 ] يلاحظ فيها الصرف فيجتمع الصرف والبيع ، وإن ترك دراهم وعروضا جاز على دنانير من مائة إن كانت الدراهم أقل من صرف دينار ، وليس في التركة دين التركة لأنه ذهب وسلعة بذهب ، ومتى كان فيها دين من أحد النقدين امتنع بأحدهما من غير التركة نقدا لأنه نسيئة في أحدهما ، وإن كان الدين حيوانا أو عروضا من بيع أو قرض ، أو طعام من قرض لا من سلم جاز من ذلك على أحد النقدين يعجلها من عنده إذا كان الغرماء حضورا مقرين ، ووصف ذلك كله ، وإن ترك دنانير حاضرة وعروضا ودينا من أحد النقدين ، أو طعاما من سلم جاز على دنانير من التركة نقدا إن كان قدر ميراث الأخذ من الدنانير فأقل ، وإلا امتنع لأنه أخذ غير ما استحق ، والأكثر يدخله البيع والصرف ، ويمتنع من غير التركة مطلقا لأنه صرف وبيع ، قال صاحب التنبيهات : قوله : إذا كانت دنانير ودراهم وعروضا بغير دين جاز على دنانير من الميراث إذا كانت الدراهم قليلة ، معناه : أن الذهب المأخوذ أكثر من ميراث الأخذ من الذهب نحو كون الذهب ثمانين ، فصالح الولد الزوجة على عشرين ، فهاهنا يشترط قلة الدراهم ، فلو أعطى عشرة لم يبال قلت الدراهم أم لا ، كان في التركة دين أم لا ; لأنها أخذت ما تستحقه من الذهب ، ووهبت غيره ، وسواء كانت العشرون جملة ذهب التركة أم لا . هذا تأويل ابن أبي زيد وغيره ، وفي كتاب محمد : إنما ذلك إذا لم يبق من التركة سوى الذي صولحت عليه ، قال ابن يونس : إذا صالحها بعرض لا بد أن يكون مخالفا لعرض الدين ، وأجاز أشهب بدنانير قدر حصتها من عين التركة ; لأنه يأخذ عوضها من التركة ، وهو ضعيف ; لأنه فسخ دين النصيب من الدراهم والدنانير والعروض بدنانير ، قال محمد : لو ترك دراهم وعروضا جاز على دنانير من غير التركة إن كانت حصة الأخذ من الدراهم أقل من صرف دينار ، إن لم يكن في التركة دين ، قال [ ص: 350 ] اللخمي : يجوز على عروض التركة دراهم وعروض إذا لم يكن شيء غائبا ; لأنه بيع لحصة الأخذ بالقرض ، وكذلك قريب الغيبة حيث يجوز النقد في الغائب ، وإن كان بعيد الغيبة ، وقدم ما ينوب الحاضر خاصة ، ووقف حصة الغائب ، جاز ، فإن كان الغائب أقل الصفقة : قيل : يجوز ويقبض جميع العروض ، وإن هلك الغائب قبض ما ينوبه من العرض ، وقيل : يمتنع ; لأن الغائب يضمن بالقيمة ، فإن كان الغائب جل الصفقة امتنع نقد العرض وما ينوب الحاضر منه ; لأن الشركة عيب ، واستحقاق الجل عيب ، فإن ترك ديونا حالة أو مؤجلة فصولح بغيرها بمثل ما ينوب الآخذ من الديون سافا ، على أنهم إن لم يأخذوا من الغرماء شيئا رجعوا على الآخذ جاز ، وإن كان ليحيلهم على الغرماء امتنع على قول ابن القاسم في الحوالة : إنها بيع ، وأجازه أشهب وجعل الحوالة معروفا .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : تمتنع مصالحة الشريك شريكه بدنانير على ( دنانير ) ودراهم وفلوس وعروض بينهما لأنه صرف ما في الذمة وبيع ، قال صاحب التنبيهات : قيل : معناه : أن الدراهم أكثر من صرف الدنانير ، ولو كانت أقل جاز ، قال محمد : ليس فيها دنانير سوى ذلك ، وتأولها أبو محمد على أنه أخذ من الدنانير أكثر من ( حظه ، وفيها من الدراهم أكثر من ) صرف دينار كمسألة الورثة ، وقيل : معناه : أن الدنانير من مال المعطى دون الشركة سواء حينئذ كانت الدراهم قليلة أو كثيرة .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية