الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا افتشر من المكتري حبا من حصاده في الأرض فنبت فهو لربها ; لأن الأول أعرض عنه عادة ، وكذلك من حمل السيل زرعه إلى أرض غيره ، قال ابن يونس : وقيل في جر السيل هو للباذر ، وعليه كراء الأرض ; لأن السيل كالمكره له ، والإكراه لا يسقط الأملاك ، قال سحنون : إن كان رب الأرض مكتريا فعليه كراء الأرض في الأولى بالعقد ، والثانية باستيفاء المنفعة ، وعن سحنون : إذا جره السيل بعد نباته ، فهو لربه ، وعنه : هو لصاحب الأرض ، وعليه قيمته مقلوعا كما جره السيل ، ولو كان شجرا فنبت في الأرض الثانية وأمكن رده للأولى ، رده وإلا فله القيمة ; لأنه حطب فقلعه مضارة ، ويخير بين دفع القيمة وبين أمره بقلعه ، أو يعطيه قيمته مقلوعا ، ولو نقل السيل تراب أرض إلى أخرى فلربه تحويله ، ولا يلزمه ; لأنه لم يجره ، وكذلك لو رجع على أشجار جاره فأضر بها ، ولو زرع كمونا فأيس من نباته ، فأكرى الأرض للمقاثي فنبت الكمون معه فهو لرب الأرض ، قاله أصبغ ; لأنه [ ص: 473 ] كضال أيس منه ثم وجده ، ويسقط من الكراء حصة المؤن ، وإن أضر بالمقثاة فليس له قلعه لكن ينقص من الكراء بقدر ما نقصت المقثاة ; لأنه عيب في الأرض ، وكذلك لو أبطلها رجع بجميع الكراء ، ومصيبة المقثاة منه ، كما لو لم ينبت ، وفي النوادر : قال مالك : إذا انقطعت المقثاة منه ثم أخلفت ، فللمكتري دون رب الأرض ما دام لها أصل قائم ، فإن ذهبت مدة الإجارة وبقيت المقثاة وفيها طمع خير المكتري بين أخذها ودفع الكراء ما دامت المقثاة ، وإن كان قبل وقت انقطاعها للمعروف ، وقد أسلمها إياسا منها لموتها ، ثم حييت بعد ذلك بالسقي لانقطاع الملك الأول ، ولو أعار أرضه لزراعة القطن فبقيت أصوله فرمت في عام قابل : قال ابن القاسم : إن كانت تزرع كل عام كالزرع فلرب الأرض ; لأنه لم يهبه إلا سنة واحدة ثم رجع إلى أنه للزراع ، وعليه كراء ما شغل الأرض ; لأنه من غير ملكه إلا أن يكون الكراء أكثر من القطن فلا يلزمه أكثر منه ، وإن كانت تنبت كثيرة كما تنبت في السواحل فلربه ، ولا يخرجه إلا ببينة أنه إنما أعاره سنة واحدة .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية