الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطيبي يريدني أن أرتدي النقاب وأنا أعارضه، ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم

لله الحمد تمت خطوبتي منذ مدة من شخص ذو خلق ومتدين -والحمد لله-، بقبول أهلي، وكل شيء على ما يرام.

يريد مني أن أرتدي النقاب والستار كاملا، وبصراحة أنا لا أريد ذلك، وطلبت منه إمهالي لمدة بعد الزواج لكي أتأقلم على حياتي الزوجية الجديدة ثم أرتديه، لكنه لم يقتنع، ويريد أن أرتديه بعد الزواج مباشرة.

أعلم أن فيه خيرا كثيرا ورضى الله قبل رضى العبد، لكنني أريد ارتداءه بقرار من ذاتي، وليس أمرا وفضلا لشخص آخر.

والدي متدين، لكنني لم أخبر أمي بعد، وأعلم ردة فعلها سترى الموضوع على أنه تسلط وأمر، أكثر من قيمته الدينية وخوفه وغيرته علي.

كيف أتعامل مع الموضوع من ناحية خطيبي وناحية أمي؟

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل والسؤال، ونُهنئك على هذا الخطيب الذي هو على خير ودين، ونُهنئك أيضًا برضا أهلك، وأن كل الأمور على ما يُرام، ونسأل الله أن يكتب لكم السعادة، وأن يجمع بينكم في الخير.

ما طلبه منك هذا الشاب المذكور -صاحب الدِّين- هو ما تُطالبُ به هذه الشريعة، فاحرصي على الامتثال، وبادري إلى طاعته، واجتهدي أنت وهو في إقناع الوالدة، لأنه لا يدعو إلَّا إلى الخير، وأنت بعد الخطبة -وإن شاء الله بعد الزواج- ستُصبحين له فقط، ومن كمال غيرته ألَّا يراك الآخر، وألَّا يراك بقية الناس؛ لأن هذا الجمال سيُصبحُ وقفًا عليه، وهذا يدعوك إلى الخير.

ولذلك الإنسان لو دُعي إلى الخير ما ينبغي أن يُفكّر في أن هذه أوامر أو أن هذه ضغوط، أو أنني أريد أن أقتنع، الكلام ليس للزوجة، هذه شريعة الله، {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرةُ من أمرهم}، قال العظيم: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يُحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا ممَّا قضيتَ ويُسِّلموا تسليمًا}.

ولذلك نحن لا نريد أن تلتزمي بالنقاب الذي طلبه، بل نريد أن تتحوّلي -إن شاء الله- إلى داعية إلى الخير، والحمد لله أنك من أسرة متدينة، وهو متدين، وأنتم في خير، والإنسان دائمًا في تديُّنه يسعى للكمال، يسعى لهما هو أعلى، يسعى لما هو أستر، يسعى لما هو أرضى لله -تبارك وتعالى-.

فأرجو أن تتعاملي مع الموضوع بحكمة، ولا تُشعري والدتك أنك تشعري بتسلُّط وأوامر وإصرار، هذا الكلام حتى لو شعرت به فإنه يأمرك بالخير، وهو مأمور بذلك، يعني: الإنسان إذا أُمِرَ بالخير ينبغي أن يفعل الخير، لا يقول: (لا قرار من نفسي، وكذا، فضلاً لشخص آخر)، طبعًا فضلاً لشخص آخر فضل لك، هذه دعوة إلى الله -تبارك وتعالى-.

نحن أيضًا الآن ونحن نُشجّعك نرجو الأجر والثواب من الله، لأن المؤمن ينبغي أن يدعو إلى الخير ويأمر بالخير وينصح بالخير، هذا في حقّ كلّ مؤمن، فكيف في حق هذا الزوج الذي أصبحت -إن شاء الله ستُصبحين- زوجة له، وأقرب الناس إليه، وهو أولى الناس بك، فأرجو أن تحرصي على طاعته، وتعاملي مع الوالدة وكل مَن يُعارض بمنتهى الحكمة، ومنتهى الأدب، ونسأل الله أن يُعين الجميع على طاعة الله، ونُكرر لك التهنئة على هذا الشاب الذي ارتاحت له الأسرة وارتحت إليه، والأهم من ذلك أنه يريد أن يقودك إلى مزيدٍ من الخير، ومزيد من الطاعات والتمسُّك بشريعة رب الأرض والسماوات.

وفقك الله وسدَّد خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً