الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التسوية بين الأولاد في العطية.. وجوب أم استحباب

السؤال

كان والدي رحمة الله عليه يتحمل تكاليف زواجي أنا وإخوتي وأنا الابن الأكبر.
وعند تدبير تكاليف زواجي لم يكن هناك أموال سائلة عنده وعرض قطعة ارض للبيع من الأرض التى يملكها وتقدم مشتر لقطعة الأرض ولكن المشتري لم يكمل عملية الشراء وطلب والدي مني أن أبيع شقة خاصة بي ملكي وبالفعل قمت ببيع الشقة وأعطيت والدي جزءا من ثمنها كما أمرني.
ثم جاء زواج إخوتي بعد ذلك وتحمل والدي مصاريف زواجهم. والآن وبعد وفاة أبي هل لي أن أستقطع جزءا من قطعة الأرض ( الميراث) بما يكافئ المبلغ الذي أخذه والدي مني أم لا بعد التفاهم مع إخوتي، وهل الاستقطاع يكون بسعر الأرض اليوم أم بسعر وقت زواجي وبيع الشقة ودفع المبلغ لوالدي .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف العلماء في وجوب التسوية بين الأولاد في العطية، فمذهب الحنفية والمالكية والشافعية أن التسوية بينهم في العطية مستحبة وليست واجبة، واستدل هؤلاء بأن الصديق رضي الله عنه فضل عائشة رضي الله عنها على غيرها من أولاده في هبة، وأن عمر رضي الله عنه فضل ابنه عاصما بشيء من العطية على غيره من أولاده، واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم في بعض روايات حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما فأشهد على هذا غيري. فلو كان عدم التسوية ممنوعا لما أمره بإشهاد غيره.

وذهب الحنابلة وأبو يوسف من الحنفية وهو قول ابن المبارك وطاووس، وهو رواية عن الإمام مالك رحمه الله إلى وجوب التسوية بين الأولاد في الهبة، فإن خص بعضهم بعطية أو فاضل بينهم فيها أثم ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين: إما رد ما فضل به البعض، وإما إتمام نصيب الآخر، لخبر الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: وهبني أبي هبة فقالت أمي عمرة بنت رواحة رضي الله عنها لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أم هذا أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها، فقال صلى الله عليه وسلم يا بشير ألك ولد سوى هذا قال نعم. قال كلهم وهبت له مثل هذا؟ قال لا. قال: فلا تشهدني إذا فإني لا أشهد على جور. وفي رواية: قال: فأرجعه. وفي رواية قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. وفي رواية أخرى: لا تشهدني على جور، إن لبنيك من الحق أن تعدل بينهم. وفي رواية: فأشهد على هذا غيري.

وبناء على القول بعدم وجوب التسوية وعلى عدم وجوب تزويج الأب ابنه -كما هو الصحيح- كما في الفتوى رقم: 50915، والفتوى رقم: 27231، لم يجز لك استقطاع المبلغ الذي أعطيت أباك من ثمن شقتك من تركته، وإنما ترث من ماله كبقية الورثة، فإن أعطاك الورثة شيئا من مالهم برضاهم فهي هبة منهم، فمن كان منهم بالغا رشيدا فهبته صحيحة لك أن تأخذها منه.

وأما على القول بوجوب التسوية بين الأولاد -وهو الذي رجحناه في فتاوى سابقة كثيرة- فإن على الأولاد أن يردوا ما أعطاهم الوالد إلى التركة أو يردوا قدره أو يخصم من نصيب كل واحد منهم بقدره.

وبهذا تعلم أن المسألة محل خلاف فإن تراضيتم على العمل بأحد الأقوال فذاك، وإلا فالحاكم الشرعي هو الذي يرفع النزاع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني