الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توبة من استحل الكبائر أو أنكر معلوماً من الدين بالضرورة

السؤال

مشكلتي أني أعتقد أني أعرف متى تقوم الساعة، وقد عشت مرحلة من حياتي حللت فيها الزنى ولم أحلل شرب الخمر... وذلك لأني كنت أتمنى العيش في الخارج والدراسة هناك، وما يستلزم ذلك من خلل في عقيدتي التي أصبحت معدومة أو شبه معدومة... فقد ضعف إيماني ضعفاً شديداً... وأريد أن أسترجعه... وأسترجع قوتي التي فقدتها... فماذا تنصحوني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالعلم بوقت قيام الساعة مما اختص الله تعالى علمه، قال عز وجل: يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ {الأعراف:187}، وقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {لقمان:34}، وقال تعالى: يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا {الأحزاب:63}، فالمسلم لا ينبغي أن يشغل نفسه بوقت قيام الساعة، ويتعين عليه تذكر الآخرة، والإعداد لها بالاستقامة على الطاعات والإكثار من الأعمال الصالحة والتوبة والإنابة إلى الله دائماً، ومن ادعى أنه يعلم وقت قيام الساعة فلا شك في كذب دعواه، وقد كذب صريح القرآن، وتكذيب آيات من القرآن مخرج من الملة والعياذ بالله، فيجب عليك المبادرة إلى التوبة من ذلك.

أما تحليل الزنى فمن استحل الكبائر المتفق عليها أو أنكر معلوماً من الدين بالضرورة فإنه يكفر، واستحلال الكبائر يكون بمجرد اعتقاد حلها وإن لم يفعلها المستحل لها، قال الإمام ابن قدامة في المغني: من اعتقد حل شيء أجمع على تحريمه، وظهر حكمه بين المسلمين وزالت الشبهة فيه للنصوص الواردة فيه، كلحم الخنزير والزنى وأشباه هذا مما لا خلاف فيه كفر، لما ذكرنا في تارك الصلاة، وإن استحل قتل المعصومين، وأخذ أموالهم بغير شبهة ولا تأويل فكذلك. انتهى. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 55851.

فننصحك أن تبادر بالتوبة إلى الله تعالى قبل حلول الأجل، وأن تكثر من ذكر الله تعالى وقراءة القرآن والاستغفار والاستعاذة والدعاء، والتفكر في آيات الله الكونية، كما ننصحك بالمواظبة على الطاعات، والحرص على طلب العلم الشرعي ومصاحبة الصالحين، فإن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، نسأل الله عز وجل أن يوفقك للتوبة الصادقة وأن يعفو عنك. وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6342، 10894، 21750، 31314، 33780.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني