الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أيهما يقدم قضاء الدين أم الصدقة

السؤال

أنا علي دين منذ سنين، واعتدت أن أخرج كل شهر 100 دينار صدقة وما يزيد آخر الشهر أسدد به ديوني، كنت أوزع الصدقة على عدة أشخاص، وفي الفترة الأخيرة لاحظت أن دخل أهلي (أبي وأمي) أصبح بالكاد يكفيهم بسبب غلاء المعيشة، وأحيانا يقترون على أنفسهم حتى لا يتداينوا آخر الشهر، فقررت أن أخصص الـ 100 دينار لهم كصدقة، بقي علي من الدين 1500 دينار، وأنا الآن في حيرة، فمن أحق بالـ 100 دينار، هل أقطع الصدقة وأخصصها لسداد الدين حتى ينتهي، بحكم أن سداد الدين أولى من أي شيء آخر، أم أعطيها لأهلي حتى تحسب صدقة مضاعفة لأنها لقريب وجار، وهي أيضاً نوع من أنواع البر، أم أعطيها لمن ليس له دخل مادي باعتبار أنه أولى بالصدقة من أهلي، علماً بأنني منذ اللحظة التي بدأت فيها بإخراج الصدقة، رزقني الله ببنت بعد 4 سنوات من المحاولة، وبدأت أموري المادية تتحسن بشكل ملحوظ، كما أن هناك مشاكل اجتماعية كبيرة كانت عالقة منذ سنين وحلت وبحمد الله، وكنت أزيد نسبة الصدقة كلما زاد دخلي الشهري، ولهذا فأنا لا أحب أن أقطع الصدقة بعد كل هذا الخير العظيم الذي نلته منها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الصدقة على المحتاج من أفضل ما يتقرب به إلى الله، فقد قال تعالى: مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {البقرة:261}، وقد وعد الله المنفق بأن يخلف عليه ما أنفق، فقال: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ {سبأ:39}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً. رواه البخاري ومسلم.

ومحل فضل التقرب إلى الله بها ما لم تتعارض مع واجب كالنفقة على من تلزمه نفقته، وكالدين الحال أو المؤجل الذي ليس له وفاء عند حلوله بحيث لا يمكن الجمع بين تحقيق الواجب وإخراج الصدقة.. وبناء على هذا نقول لك: إن نفقة أبويك إذا وصلا لدرجة الاحتياج واجبة، وهي مقدمة على قضاء الدين إذا لم يمكن الجمع بينهما، كما في الفتوى رقم: 61265.

وإن لم يصلا إلى درجة الاحتياج، ولكن قريب من ذلك ومساعدتهما بالمال فيها توسعة عليهم، فالصدقة عليهما أولى من غيرهما ممن هو في نفس مستواهما المادي، وإن كنت لا تقدر على الجمع بين الصدقة عليهما إذا كان غير محتاجين أو على غيرهما وبين قضاء الدين، فقدم قضاء الدين لأن قضاء الدين واجب، والصدقة مستحبة، والواجب مقدم على المستحب، فقد قال الله تعالى في الحديث الرباني: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه. رواه البخاري. وللأهمية راجع في ذلك الفتوى رقم: 54295.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني