الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإقامة في البلد الذي يقل فيه الفساد

السؤال

أنا صاحب الفتوى رقم 79802(حول الدراسة المختلطة). لقد انتقلت إلى مركز تكوين مهني في تونس ولم يبق لي إلا سنة واحدة من الدراسة أو أكثر بقليل، وأتخرج في الصناعة. أنا حائر بين أمرين بعد التخرج:
1:الذهاب للعمل في إيطاليا بسبب انعدام العلماء في تونس، ومضايقة الحكومة للمصلين، إلى كثرة سب الإله والفساد، وترك الصلاة. وأكثر المصلين يقولون لي اذهب إلى إيطاليا، فهناك العلم والنقود وإمكانية الذهاب للجهاد من هناك بالمال أو بأي وسيلة أخرى.
2:الزواج في تونس علما وأني ضعيف دينيا(ترك صلاة الصبح ,السهر,التدخين,النساء المتبرجات,المخدرات...)وفي تونس يمكن لي أن أنتقل إلى منطقة أخرى خير من منطقتي.
إن كان الحل الثاني خيرا لي، فأنا أريد أن أخطب امرأة من الآن، لكن أخاف أن يقول والدي انتظر حتى تكمل دراستك، فالعقول هنا مادية كثيرا، والمال هو كل شيء. جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجب على المسلم أن يقيم في البلد الذي يستطيع أن يقيم فيه شعائر دينه و يأمن على نفسه من الفتنة في الدين، ولذلك فإن الأصل أنه لا يجوز للمسلم أن يهاجر إلى بلاد الكفار، إلا في حالات معينة وبضوابط تجدها في الفتوى رقم: 23168، والفتوى رقم: 2007.

وإذا كانت المفاسد متفاوتة في البلاد فعلى المسلم أن يقيم في البلد الذي تقل فيه المفسدة عن غيرها، قال في فتح العلي المالك: وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ لَا يُقِيمُ أَحَدٌ فِي مَوْضِعٍ يُعْمَلُ فِيهِ بِغَيْرِ الْحَقِّ قَالَ فِي الْعَارِضَةِ: فَإِنْ قِيلَ: فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بَلَدٌ إلَّا كَذَلِكَ قُلْنَا يَخْتَارُ الْمَرْءُ أَقَلَّهَا إنَّمَا مِثْلُ أَنْ يَكُونَ بَلَدٌ فِيهِ كُفْرٌ فَبَلَدٌ فِيهِ جَوْرٌ خَيْرٌ مِنْهُ. اهـ

وعلى ذلك فالذي ننصحك به أن تقيم في بلد مسلم تأمن فيه من الوقوع في الفتن، فإن لم تجد إلا بلدك أو بلد كفر فأقم في بلدك في المنطقة التي قلت إنها خير من منطقتك، إذا كنت تقدر على إقامة دينك فيها مع مجاهدة نفسك، والمحافظة على الصلوات في أوقاتها في المساجد، والامتناع عن التدخين، واجتناب المخدرات، فإنها أم الخبائث، والحرص على الصوم مع غض البصر، والبعد عن أماكن الفتن، والحذر من مصاحبة الغافلين، والحرص على صحبة الصالحين، مع الاستعانة بالله والاعتصام به والإلحاح في الدعاء.

وأما ما يتعلق بزواجك، فإذا كنت قادراً على الزواج، فلتحاول إقناع والديك بضرورة تعجيل الزواج، فإن رفضا فلا يلزمك طاعتهما في ذلك ما دام فيه تعريض نفسك للفتنة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 70100.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني