الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم توظف المسلم عن طريق بعض القساوسة

السؤال

يستقبل أحد القساوسة في كنيسة بمصر الشباب المسلمين لتعينهم في شركات يمتلكها النصارى بمرتبات مغرية، مما دفع ولي أمر أحد الشباب بالقول بأنني لو ذهبت لشيخ الأزهر فإنه لن يقوم بمثل ما قام به القسيس.
فهل يجوز اللجوء للكنيسة لطلب الوظائف علماً بانتشار البطالة والفقر بمصر؟
ويقابل ذلك حسن الاستقبال من القسيس وكرم الضيافة، وإنجاز أعمال صاحب الحاجة بسرعة حيث يتم الإتصال فوراً من هاتفه الخاص، ويتم تحديد جهة العمل والمرتب فوراً، وذلك يسبب البلبلة والتحدث في المجتمعات الخاصة بأن الشاب لو قصد المسؤول المسلم فإنه لن يعيره أي اهتمام.
أفتونا أفادكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف أهل العلم في حكم دخول الكنيسة، والراجح حرمة دخولها حال وجود منكر كالعبارات الشركية والصور ونحو ذلك، أما مع عدم وجود منكر فلا بأس بذلك، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 37925.

وأما قبول مساعدة أو هبة أو هدية الكافر للمسلم فلا يوجد ما يمنع من ذلك شرعا، فقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم هدايا الكفار كقيصر والمقوقس كما سبق بيانه في الفتويين: 6261، 40918.

ويجب عندئذ الحذر من أن يكون ذلك في مقابل التنازل عن شيء من الدين أو التعاون معهم على شيء من باطلهم، كما يجب الحذر من ميل القلب إليهم، فإن أكثر النفوس تميل حبا إلى من أسدى إليها معرووفا، وإذا أنس من نفسه ميلا بسبب هذه المساعدة فعليه أن لا يقبلها كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 7680.

ولا يخفى أن شفاعة الكافر لتحصيل وظيفة نوع من المساعدة والإعانة، فالأصل أنه لا حرج فيها، فقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة في جوار المطعم بن عدي لما رجع من الطائف كما رواه ابن إسحاق وغيره، وكذلك لما خرج أبو بكر مهاجرا إلى الحبشة رجع إلى مكة ودخلها في جوار ابن الدغنة سيد القارة.

ولكن قبول هذا النوع من الإعانة لا يجوز أن يكون على حساب شيء من الدين.

ولذلك، لما رجع أبو بكر إلى مكة على أن يعبد ربه في داره ويصلي ويقرأ ما شاء ولا يستعلن، فلما بدا لأبي بكر أن يستعلن بصلاته وقراءته أتاه ابن الدغنة فقال: قد علمت الذي عقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترد إلي ذمتي، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له قال أبو بكر: إني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله. رواه البخاري.

والأحوط للمسلم والأولى به خصوصا في هذا الزمان أن يبتعد عن أصحاب الكنائس، وأن لا يتعامل معهم لأنهم يتخذون مساعداتهم وسيلة للدعوة إلى دينهم والتقريب منه كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 9759.

ويبقى النظر في عمل المسلم كأجير عند كافر حيث إن الشركات المذكورة في السؤال يمتكلها النصارى، وجمهور أهل العلم على جواز ذلك بشرط ألا يعمل في شيء محرم كعصر الخمر ورعي الخنزير والتجسس على المسلمين، واشترط بعضهم أن يكون عمله في غير الخدمة الشخصي للكفار كتقديم الطعام والشرب والوقوف بين يديهم لما في ذلك من إذلال المسلم، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 15840.

وراجع للفائدة الفتوى رقم 28513

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني