الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المداومة على دعاء غير مأثور في أحوال معينة

السؤال

ما حكم مداومة الإنسان على دعاء على سبيل المثال: ( استعنا على الشقى بالله) كل ما يقوم من النوم؟ هل هذا يكون من البدعة لأنه لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أفيدوني أرجوكم ووضحوا لى عن ما يقولون إنها بدعة حسنة وهل يأخذ الانسان عليها ذنوبا لو فعلها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالعبادات مبناها على التوقيف، كما سبق بيانه في الفتويين:127965 ، 26489. والدعاء من أعظم أنواع العبادة، بل هو العبادة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة. رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح. وابن ماجه وأحمد. وصححه الألباني. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى): الدعاء المستحب هو الدعاء المشروع، فإن الاستحباب إنما يتلقى من الشارع، فما لم يشرعه لا يكون مستحبا، بل يكون شرع من الدين ما لم يأذن به الله، فإن الدعاء من أعظم الدين. اهـ.

ومما أذن فيه الشرع أن يتخير المسلم من الدعاء أعجبه إليه، حتى ولو لم يكن ثابتا بلفظه في السنة، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه فليدع الله عز وجل. رواه البخاري والنسائي واللفظ له. وما كان من هذا القبيل من الدعاء المطلق لا يجوز تقييده بزمان أو حال أو مكان أو عدد، واتخاذ ذلك سنة راتبة، إلا بدليل شرعي.

قال الشيخ ابن عثيمين: لا شك أن الدعاء من العبادة وأنه مشروع كل وقت، لكن يجب أن يعرف الفرق بين العموم والخصوص، فتقييد العام بشيء معين من زمان أو مكان أو حال أو عمل، يحتاج إلى دليل، فإذا قلنا: يسن الدعاء بعد الصلاة؛ لأن الدعاء مشروع كل وقت، قلنا: يحتاج في تقييده بعد الصلاة إلى دليل. ولو قال قائل: يسن للآكل إذا فرغ من أكله أن يصلي على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأن الصلاة عليه مشروعة كل وقت، قلنا: هذا يحتاج إلى دليل. ولو قال قائل: يسن لمن فرغ من قضاء حاجته أن يذكر الله تعالى بالتهليل والتسبيح؛ لأنه مشروع كل وقت. قلنا: تقييده بذلك يحتاج إلى دليل، وهلم جرا. اهـ.
وقال الشيخ في موضع آخر: الدعاء مشروع كل وقت، لكن تقييده بعبادة معينة والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقيده بها، يكون بدعة. وذلك أن تمام التأسي والاتباع للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتقيد العبد بما كان عليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أصل العبادة، وسببها، وهيئتها، ووقتها، ومكانها، فما ورد مطلقاً تعبد به مطلقاً، وما ورد مقيداً بسبب، أو بهيئة، أو وقت، أو مكان، تعبد به على ما قيد به. اهـ.

وقد سبق لنا التنبيه على أن تقييد العبادات ـ ومنها الأذكار والأدعية ـ بعدد أو حال معين أو أيام خاصة، واعتقاد سنية ذلك أنه من البدع الإضافية. فراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 127441 ، 125936 ، 94673 ، 37515 ، 17613.

أما عد ذلك من البدع الحسنة، فليس بصحيح، وقد سبق لنا بيان معنى السنة الحسنة والفرق بينها وبين البدعة، وأنه لا توجد في الشريعة بدعة حسنة، وذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 110457، 29016، 55499.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني