الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخواطر إذا لم تصرف تخرج من نطاق القلب إلى الجوارح.

السؤال

أنا شاب أحيانا عندما أخرج من البيت تأتي في بالي أفكار، وفكري هو أحيانا أقول: أذهب إلى امراة كنا نعرفها سابقا وساكنة لوحدها ربما لو سلمت عليها ستقول لي ابق عندي وستجامعني، أو أقول أذهب إلى طبيبة وأفحص عندها ربما ستداعبني. وهكذا أفكار متعلقة بالزنى بحيث أثار وأنا موسوس؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الزنا من الكبائر التي تجلب غضب الله كما أنه جريمة خطيرة لها آثارها السيئة على الفرد والمجتمع. قال تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:32}

أما هذه الخواطر التي تراودك فهي من وسوسة الشيطان وكيده، فعليك إذا وجدت هذا من نفسك ووقع ذلك في قلبك أن تستعيذ بالله من شر الشيطان، وأن تجتهد في صرفها عن قلبك وتفكيرك. ومن أنفع الوسائل في ذلك استشعار مراقبة الله لك، واطلاعه عليك وقت ورود هذه الأفكار، فإن هذه الخواطر إذا لم تصرف واسترسل صاحبها معها، فإنها تتزايد وتتعاظم وينميها الشيطان حتى تستولي على القلب، ثم تخرج من نطاق القلب إلى الجوارح.

يقول ابن القيم رحمه الله في الفوائد: دافع الخطرة، فإن لم تفعل صارت فكرة، فدافع الفكرة، فإن لم تفعل صارت شهوة، فحاربها فإن لم تفعل صارت عزيمة وهمة، فإن لم تدافعها صارت فعلا، فإن لم تتداركه بضده صار عادة، فيصعب عليك الانتقال عنها. انتهى

ويقول في موضع آخر: وأول ما يطرق القلب الخطرة فإن دفعها استراح مما بعدها، وإن لم يدفعها قويت فصارت وسوسة فكان دفعها أصعب، فإن بادر ودفعها وإلا قويت وصارت شهوة، فإن عالجها وإلا صارت إرادة فإن عالجها وإلا صارت عزيمة، ومتى وصلت إلى هذه الحال لم يمكن دفعها واقترن بها الفعل ولا بد. انتهى

واعلم أن الإنسان إذا عزم على فعل محرم ثم حال بينه وبين إتمام شيء قاهر خارج عن إرادته فهذا يؤاخذ به صاحبه، لكن دون إثم الفعل المحرم نفسه، فإذا تركه لله فإنه يؤجر على ذلك، وأما الهم الذي هو مجرد التفكير والخواطر دون العزم فهذا لا يؤاخذ العبد عليه.

لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا به. رواه مسلم

والمقصود بالتفكير هنا ما مر على الإنسان من غير استقرار ولا عزم ولا نية فعل المعصية فصاحبه لم يوطن نفسه على المعصية.

قال النووي في شرح مسلم: فأما الهم الذي لا يكتب فهي الخواطر التي لا توطن النفس عليها ولا يصحبها عقد ولا نية وعزم. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 20456.

وإنا لننصح بالإكثار من ذكر الله والصلاة فإنهما حصن حصين من الوقوع في حرمات الله قال سبحانه : إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ {العنكبوت:45}

جاء في تفسير البغوي وقال عطاء في قوله: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر قال ولذكر الله أكبر من أن تبقى معه معصية. انتهى.

وجاء في الحديث أن يحيى بن زكريا قال لبني إسرائيل: وآمركم بذكر الله كثيرا، ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.

كما ننصحك بالمبادرة إلى الزواج فإنه أحصن للفرج، وأغض للبصر، وأبعد لصاحبه عن الوقوع في الفواحش. وراجع الفتوى رقم: 6995، فإن بها نصائح لمن غلبته شهوته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني