الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يلزم المرأة التي استحيضت وهي تظن أنها حائض

السؤال

بعد ولادتي بقي علي دم النفاس 28 يوما وانقطع بعدها حتى اليوم الأربعين، ثم عاد وكان ذلك بداية شهر رمضان، فظننت أنها استحاضة، لأن الدم كان خفيفا ويظهر على شكل دم شفاف وقت الظهيرة فقط، فصمت ما يقارب خمسة أيام، ولكني تركت الصلاة، ثم شككت أنها دورة خاصة بعدما علمت من النساء أن الدورة تأتي بعد الأربعين يوما، فأفطرت وتركت الصلاة، كما أن الدم أخذ صفات دم الدورة، ولكن استمر الدم أسبوعين تقريبا رغم أن عادتي تكون أسبوعا، لكنني قرأت أن العادة بعد الولادة تكون أطول، ومن ثم تعود كما كانت، المهم أن الدم انقطع ما يقارب خمسة أيام فصمت اثنين وأفطرت ثلاثة، لأن الحليب بدأ يقل، وبعد خمسة أيام عاد الدم من جديد وله نفس صفات دم الحيض، فأفطرت ـ أيضا ـ وتركت الصلاة خاصة وأن الطبيبة قد أكدت لي بأنها ليست استحاضة، بل هو حيض يخرج من داخل الرحم، بسبب الاضطراب في هرمون الحليب، ولما أكملت أسبوعين اغتسلت وصليت ومازال الدم يخرج، وأنا في حيرة شديدة من أمري ولم أجد من أسأله، وفي كل مرة كنت أدخل الموقع فأجد وقت الأسئلة قد انتهى، فهل صيامي بداية صحيح؟ وهل علي قضاء الصلاة؟ وهل أقضي ما أفطرته في نهاية رمضان بسبب الدم؟ وهل يجب القضاء مع الكفارة؟ أم بدونها؟ وبخصوص الإفطار بسبب قلة الحليب: فأنا أرضع ابني حليبا صناعيا إلى جانب الحليب الطبيعي، ولكنني خشيت أن ينشف حليبي كما حدث معي في ابني الأول، فهل يجوز لي الإفطار لهذا السبب؟ كما وأنني كنت أشعر بتعب ووهن في جسمي ولكن ذلك لم يمنعني من القيام، فهل هذا ما يقصد بالمشقة التي تجيز للمرضع الإفطار؟ وآخر سؤال هو: أنني دفعت كفارة عن الأيام الثلاثة التي أفطرتها بسبب قلة الحليب دفعتها في رمضان، فهل هذا جائز؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما دام الأمر كما وصفت فإنه لا يمكن اعتبار مجموع هذه الأيام التي رأيت فيها الدم بعد مجاوزة الأربعين حيضا فتبين بذلك أنك مستحاضة، والواجب عليك ـ إذن ـ هو ما يجب على المستحاضة فترجعين إلى عادتك السابقة فتعتبرين ما ترينه فيها من الدم حيضا، ثم تغتسلين بعد انقضاء هذه الأيام غسلا واحدا وتفعلين ما تفعله المستحاضة من الوضوء لكل صلاة بعد دخول وقتها، وتصلين بهذا الوضوء الفرض وما شئت من النوافل مع التحفظ بشد خرقة، أو نحوها على الموضع، ولك بعد هذا جميع أحكام الطاهرات حتى تأتي أيام عادتك فتجلسينها على ما مر.

وأما ما مضى من الأيام التي رأيت فيها الدم: فما وافق منها زمن عادتك فمحكوم بكونه حيضا وما لم يوافق زمن العادة فهو استحاضة، فما كان محكوما بكونه حيضا لا يلزمك قضاء الصلوات التي تركتها فيه، لأن الحائض لا تصلي.

وأما ما كان محكوما بكونه استحاضة: فيلزمك قضاء ما تركته من صلوات في ذلك الوقت ظانة أنه حيض، فإن تلك الصلاة دين في ذمتك لا تبرئين إلا بقضائها، لقوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى.

متفق عليه.

وأما الصيام: فيجب عليك قضاؤه بكل حال، ثم إن كان صومك في أول الشهر قد وقع في الأيام المحكوم بكونها استحاضة فهو صحيح، وإن كان وقع في الأيام المحكوم بكونها حيضا فهو غير صحيح ويلزمك قضاؤه، وليس عليك كفارة.

وأما خوفك من جفاف الحليب: فالظاهر أنه عذر يبيح لك الفطر، ولكن يجب عليك القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم في قول كثير من العلماء، لأن هذا الفطر كان خوفا من تضرر الطفل، وانظري لبيان ما يلزم الحامل والمرضع إذا أفطرتا الفتوى رقم: 113353.

وليس مجرد الشعور بالتعب، أو المشقة التي تحتمل عادة عذرا مبيحا للفطر، وإنما يباح الفطر لخوف حصول ضرر من مرض، أو نحوه، أو مشقة غير محتملة، وإذا كنت قد دفعت تلك الكفارة فقد أجزأك ذلك، فإن الكفارة يجوز دفعها قبل القضاء وبعده ومعه ولا حرج في ذلك، ولتراجع الفتوى رقم 57473.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني