الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العدل في العطية بين سائر الأولاد واجب

السؤال

أصحاب الفضيلة العلماء حفظكم الله ووفقكم لما يحبه ويرضاه. نرجو من فضيلتكم الإجابة على هذا السؤال وجزاكم الله خيرا. امرأة تملك أراضي كثيرة, ولها سبعة بنين وثلاث بنات من زوجها الذي توفي(رحمه الله تعالى) قبل ثلاث سنوات, وعندما كان الزوج حيا كان أربعة من أبنائه لم تكن حالتهم المادية جيدة وكانوا متزوجين ولم يكن لديهم سكن خاص، ولا يقدرون على تحمل تكاليف الإيجار وأما الستة الباقون من أولاده ثلاث بنات تزوجن والثلاثة من بنيه الباقين كان اثنان منهم أحسن حالا من هؤلاء الأربعة فيسكنان على الإيجار كذلك، والثالث كان مع والده فينفق عليه والده. فأراد والدهم أن يبني للأربعة الذين كانوا في ضيق من العيش بيوتا يسكنون فيها فبناها لهم من مال من أرض بيعت لزوجته, وهذه البيوت تختلف في المساحة زيادة وقلة ورفعا للاختلاف بينهم. أسكن أولاده الأربعة فيها حسب التقدم في السن فرضي بذلك الأربعة وسكنوا فيها, وبعد ما بنى لهم هذه البيوت جمع أولاده كلهم ذكورا وإناثا وقال لهولاء الأربعة إما أن تأخذوا هذه البيوت أو تأخذوا المال الذي يأتي من بيع الأراضي، فإن أخذتم البيوت فليس لكم حظ في الأراضي فيما بعد, فأخذوا البيوت وكانوا محتاجين إليها لأنهم ما كانوا قادرين على دفع الإيجار. وسكنوا فيها منذ عشرين سنة مع العلم بأنهم لا يعلمون عن الأراضي التي عند أمهم شيئا من حيث عددها وقيمتها, والستة الباقون رضوا بأن الإخوة الأربعة يأخذون البيت وهم يأخذون المال الذي سيأتي من بيع الاراضي. ثم توفي الوالد .
فبيعت أرضان منها إلى الآن فالأرض الأولى بيعت بأربع وعشرين ألف وأربعمئة ريال. فاقتسم أولاده الستة ثلاث بنين وثلاث بنات حسب ما ذكر لهم الوالد بأن الأربعة الباقين الذين أخذوا البيوت ليس لهم حظ في الأراضي للذكر مثل حظ الأنثيين .
ثم بيعت أرض ثانية بسبعمائة ألف وتسعين ألف ريال.وهذا المبلغ يزيد على قيمة البيوت التي أخذها الإخوة الأربعة قبل عشرين سنة فأراد الستة أن يشاركهم الإخوة الأربعة في هذا المال فوزعوا هذا المبلغ بين الستة من الأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين, وللأم منه حصة يأخذها الذي يرعاها من أولادها و ينفق عليها وتسكن عنده, والإخوة الأربعة أخذوا ما زاد على قيمة البيوت .
السؤال :١. هل للإخوة الأربعة نصيب في المال الذي جاء من بيع الأراضي لأنهم رضوا أن لا يكون لهم نصيب فيها, وإذا كان لهم نصيب كيف تكون القسمة هل هي للذكر مثل حظ الأنثيين أم بالتسوية بين الذكور والإناث ؟ ٢. هل للأم أن تهب من المال بعض أقربائها ؟ ٣ .هل لأحد الأبناء أخذ حصة الأم لأنه يرعاها و ينفق عليها وهل للأم أن تعطى نصيبها لابنها الذي تسكن عنده, وهل لها أن تتصرف في نصيبها بين بنيها كما تريد هي ؟ ٤. هل هذا التقسيم الذي قاموا به موافق للشرع ؟
و جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنقول ابتداء بما أن كل الأراضي التي بيعت هي ملك للزوجة وليست للأب, وأن البيوت قد بنيت بمال الزوجة فإن بناء البيوت بمال الزوجة لا يخلو الأمر فيه من أن يكون ذلك بإذنها أو بغير إذنها, فإن كان بغير إذنها فالبيوت للزوجة وليس للأولاد حق فيها لأن والدهم اعتدى في تصرفه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أَلَا لَا تَظْلِمُوا أَلَا لَا تَظْلِمُوا أَلَا لَا تَظْلِمُوا إِنَّهُ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ. رواه أحمد .

وإن كان البناء قد تم برضاها ونوت أن تكون البيوت ملكا لأولادها الأربعة فهذه هبة تمت حيازتها، ويجب عليها أن تعدل فتعطي بقية أولادها ذكورا وإناثا ما يتحقق به العدل الواجب في العطية. فإذا باعت شيئا من أراضيها بعد ذلك وجب عليها أن تعطي بقية الأولاد ما يتحقق به العدل وليس لأولئك الأربعة الذين سكنوا البيوت أن يعترضوا ولا أن يطالبوا بشيء من ثمن تلك الأراضي إلا إذا كان ما أعطته لهم يقل عن ما أعطته لبقية أولادها فلهم الحق في المطالبة بالعدل حينئذ, وليست حاجة الأبناء للسكن مسوغا لأن تخصهم بالعطية دون بقية أولادها كما بيناه في الفتوى رقم: 121206, وانظر الفتوى رقم: 101286عن وجوب العدل في العطية للأولاد , والفتوى رقم: 126473عن مذاهب العلماء في كيفية تحقق العدل بين الأولاد في العطية .

وأما هل للأم أن تهب من مالها لبعض أقاربها فالجواب أن نعم بشرط أن تكون رشيدة، وانظر الفتوى رقم: 94327عن شروط نفاذ الهبة .

وأما هل لأحد الأبناء أخذ حصة الأم .. إلخ , فالجواب أنه ليس لأحد من الأبناء أخذ مال الأم لنفسه, ولكن لها أن توكله في التصرف فيه في النفقة عليها وتدبير شؤونها .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني