الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمل الصالح.. إخفاء أم إظهار

السؤال

السؤال الأول: عند السجود في الصلاة دائما أتخيل نفسي في القبر وأنا في ظلمات القبر. هل يجوز ذلك؟
السؤال الثاني: أصوم يوما من كل أسبوع. هل يجوز أن أتكلم للناس عن ذلك رغم أنني أتعرض من قبل زملائي في الوظيفة للحرج لأنني لا أحب أن أذكر لهم بأني صائم، لكن بأمر ما علموا بأنني أصوم يوما من كل أسبوع، وأيضا وأنا صائم في الوظيفة هناك عدد كبير من الفتيات يراجعن المكتب رغم أنني صائم أنظر إليهن ثم أقول لنفسي صائم وتنظر للفتيات كيف هذا هل هذا يبطل الصيام؟
وشكرا لكل القائمين على هذا الموقع وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن تذكر أمور الآخرة من القبر ونحوه في الصلاة معين على الخشوع فيها، وانظر الفتوى رقم : 57899.

أما بالنسبة لإخفاء الصوم وغيره من العمل الصالح فقد تظاهرت نصوص الشرع المطهر مرغبة في إخفاء العمل الصالح ما لم تكن هناك مصلحة راجحة تدعو لإظهاره، وذلك لأن إخفاء العمل أدعى إلى الإخلاص وأبعد عن العجب والرياء، وقد قال الله تعالى:ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً. { الأعراف: 55}.

وذكر ابن كثير عند تفسير هذه الآية: عن عبد الله بن الْمُبَارَكِ عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فُضَالَةَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لقَدْ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَمَا يَشْعُرُ بِهِ النَّاسُ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَقَدْ فَقُهَ الْفِقْهَ الْكَثِيرَ وَمَا يَشْعُرُ بِهِ النَّاسُ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ الطَّوِيلَةَ فِي بَيْتِهِ وَعِنْدَهُ الزوار وَمَا يَشْعُرُونَ بِهِ، وَلَقَدْ أَدْرَكْنَا أَقْوَامًا مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ عَمَلٍ يَقْدِرُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ فِي السِّرِّ فَيَكُونُ عَلَانِيَةً أَبَدًا، وَلَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَجْتَهِدُونَ فِي الدُّعَاءِ وَمَا يُسْمَعُ لَهُمْ صَوْتٌ إِنْ كَانَ إِلَّا هَمْسًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً ـ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ عَبْدًا صَالِحًا رَضِيَ فِعْلَهُ فَقَالَ: إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا. انتهى.

وإنما يحمد إظهار العمل حيث وجدت مصلحة راجحة، كأن يكون الشخص ممن يُقتدى به في الخير لو أظهر عمله.

قال ابن حجر في شرح حديث: ومن يراء يراء الله به ـ وفي الحديث اسْتِحْبَابُ إِخْفَاءِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، لَكِنْ قَدْ يُسْتَحَبُّ إِظْهَارُهُ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ عَلَى إِرَادَتِهِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ وَيُقَدَّرُ ذَلِك بِقدر الْحَاجة، قَالَ ابن عَبْدِ السَّلَامِ: يُسْتَثْنَى مِنِ اسْتِحْبَابِ إِخْفَاءِ الْعَمَلِ مَنْ يُظْهِرُهُ لِيُقْتَدَى بِهِ أَوْ لِيُنْتَفَعَ بِهِ كَكِتَابَةِ الْعِلْمِ. انتهى.
وأما النظر إلى النساء وإطلاق البصر في الحرام فلا يخفى أنه من أعظم أسباب الفتنة وفساد القلوب، وغض البصر من أنفع الأمور لحفظ الفرج وصلاح القلب، وراجع في فوائده وثمراته الفتوى رقم: 78760.

واعلم أن الصوم الذي ينتفع به العبد على وجه التمام والكمال هو الصوم الذي يحفظ فيه سمعه وبصره عن الحرام، فالذي نوصيك به أن تستعين بالله وتجاهد نفسك وتحملها على غض البصر مع كثرة الاستغفار والدعاء، وللمزيد عن الأسباب المعينة على غض البصر راجع الفتويين: 36423، 23231, وانظر أثر النظر إلى النساء على الصوم في الفتوى رقم: 26575.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني