الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكاشفات والإلهامات الإلهية

السؤال

هل يجوز قول إن العلم الذي يعلمه الإنسان خلقه الله أم لا يجوز؟ لأن علم الله ليس بمخلوق، بل هو صفة من صفات الله. وهل يجوز قول إن الله قد يطلع بعض الناس على الغيب غير الرسل والأنبياء أو لا يجوز، لأن الغيب لا يعلمه إلا الله؟ فمثلا رؤيا ابن تيمية لموضوع التتار.
وهل يجوز لنا قول إن الله أطلع ابن تيمية على أمر من أمور الغيب، أم يجب علينا قول فقط إن ابن تيمية جعله الله يرى رؤيا وتوقع ابن تيمية أن التتار سيهزمون، وحقق الله الرؤيا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فان إعلام الله لخلقه بما شاء يعتبر من صفات الله الفعلية ولا يوصف بأنه مخلوق، وأما العلم الذي يعلمه الإنسان، فيعتبر من أفعال العباد التي خلقها الله تعالى؛ كما قال تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ {الصافات:96}.

وأما الاطلاع على بعض أمور الغيب النسبي، فمن الممكن أن يحصل لمن يشاء الله تعالى من عباده، كما حصل ويحصل لبعض عباد الله الصالحين عن طريق المكاشفات والإلهامات الإلهية.

وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم ناس مُحدَّثون، فإن يكن في أمتي أحد منهم فهو عمر. والمحدثون الملهمون الذين يجري الله تعالى على ألسنتهم بعضاً من المغيبات. كأنما حدثوا بها.

وكذلك الرؤيا الصادقة، فإن المرء يرى رؤيا تتضمن الإخبار عن أمر مستقبل، فيحصل الأمر كما رأى الرائي، وهذا كثير معروف، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة.

وقد حدث هذا فعلاً لشيخ الإسلام ابن تيمية، فقد نقلت عنه حكايات من الكشف ونحسبه - ولا نزكي على الله أحداً ـ ممن استقاموا ظاهراً وباطناً وقولاً وعملاً واعتقاداً.

وأما ما نقل عنه أنه كان يخبر عن هزيمة التتار قبل حصولها ويقسم على ذلك، فقد لا يكون اعتمد فيه على إلهام أو رؤيا، وإنما اعتمد على حسن الظن بالله تعالى، والتصديق بوعده الثابت في نصوص الوحيين المصرحة بنصر الله تعالى لمن نصر دينه وتمسك به.

وراجع الفتوى: 32949، والفتوى: 31768.

هذا وينبغي التنبه للفرق بين الإلهامات الإلهية والإيحاءات الشيطانية، فالإلهامات الإلهية هي ما يحصل لمن كان مستقيم الظاهر والباطن على شرع الله تعالى في الاعتقاد والقول والعمل. وأما الإيحاءات الشيطانية فهي ما يحصل لأولياء الشيطان من الزنادقة والمبتدعة المنحرفين الضالين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني