الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يلزم من أكل من النذر

السؤال

لقد نذرت أن أطعم ستة مساكين، فكيف يكون ذلك؟ وهل أستطيع أن أطعم الهنود المساكين في الشارع؟ وهل يكون ذلك بشراء مثلا وجبة غداء؟ ونذرت أيضا أن أقوم بتوزيع لحم وهو ذبح جدي وقد فعلت ذلك وأكلت منه، فهل يجوز ذلك؟ وقمت بتوزيع القليل منه، أم لا بد أن أوزعه كله؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أمر الله عز وجل بالوفاء بالنذر، فقال تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ { الحج:29 }.
ومدح عباده الأبرار بوفائهم بالنذر، فقال تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا { الإنسان: 7}.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري.

فالنذر المشروع يجب الوفاء به على الكيفية التي نذره بها صاحبه، فأما عن الطعام: فإذا كنت لم تخصصي مساكين معينين فإن لك أن تطعمي أي مساكين ومن أي جنسية كانوا، وإذا حصل الإطعام بأي كيفية فإنه يجزئك سواء اشتريت وجبة غداء أو قدمت لهم مما طبخ بالبيت.

وأما عن نذرك الثاني: فإذا كنت نذرت ذبح جدي وتوزيع لحمه على المساكين فلا بد من الوفاء بذلك، وإذا لم تحددي جهة معينة لتوزعيه عليها وإنما أطلقت، فإن عليك أن توزعيه على الفقراء والمساكين، ولا تأكلي منه شيئا، لما ذكر ابن أبي شيبة في المصنف عن عطاء قال: ما كان من جزاء صيد أو نسك أو نذر للمساكين، فإنه لا يأكل منه، وعن سعيد بن جبير قال: لا يؤكل من النذر ولا من الكفارة ولا مما جعل للمساكين، وقال علي رضي الله عنه: لا يؤكل من النذر ولا من جزاء الصيد ولا مما جعل للمساكين. اهـ.

وما دمت قد ذبحت وأكلت من الشاة التي ذبحت ولم توزعي على الفقراء منها إلا القليل فإنه يلزمك ضمان ما لم يوزع عليهم من لحمها فعوضيه لهم بشيء من اللحم ووزعيه عليهم، قال المواق في التاج والإكليل: وفيها ـ يعني المدونة ـ إن أكل مما نذره للمساكين، قال ابن القاسم: لا أدري ما قول مالك فيه وأرى أن يطعم للمساكين قدر ما أكل لحما ولا يكون عليه البدل، لأن هدي نذر المساكين في ترك الأكل منه عند مالك بمنزلة الجزاء والفدية. انتهى.

وقال الشيرازي ـ رحمه الله ـ في المهذب: وإن كان نذر مجازاة كالنذر لشفاء المريض وقدوم الغائب لم يجز أن يأكل منه، لأنه جزاء فلم يجز أن يأكل منه كجزاء الصيد، فإن أكل شيئا منه ضمنه، وفي ضمانه ثلاثة أوجه:
أحدها: يلزمه قيمة ما أكل كما لو أكل منه أجنبي.
والثاني: يلزمه مثله من اللحم، لأنه لو أكل جميعه ضمنه بمثله، فإذا أكل بعضه ضمنه بمثله.

والثالث: يلزمه أن يشتري جزءا من حيوان مثله ويشارك في ذبحه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني