الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يبتلى المؤمن بالفضيحة؟

السؤال

هل يفضح الله المؤمن؟ سؤالي لكم يا مشايخنا جزاكم الله خيرا وجمعنا معكم في جنة الفردوس قريبا من حبيبنا المصطفى عليه الصلاة والسلام: هل يفضح الله عبده المؤمن؟ وهل يفضح الله المؤمن ليبتليه؟ وما حكم من تجسس على هاتف أخيه المسلم ليعرف أسراره ويفضحه؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن المؤمن قد يتعرض في الدنيا للمصائب والبلايا ومنها الفضائح ابتلاء من الله له، وكل ما يصيب المؤمن من أذى في عرضه أو بدنه أو ماله فإن فيه تكفيرا لذنوبه ورفعا لدرجاته، كما جاء في صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به سيئاته. وانظر الفتوى رقم: 72227.

وقد يكون ذلك عقوبة من الله للعبد بسبب ذنب ارتكبه أو شماتة بأخيه أو فضح له، وقال صلى الله عليه وسلم: لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله. رواه الترمذي وقال الألباني: حسن صحيح.

قال القاري في المرقاة: وَلَا تَتَّبِعُوا: مِنْ بَابِ الِافْتِعَالِ أَيْ لَا تَجَسَّسُوا عَوْرَاتِهِمْ فِيمَا تَجْهَلُونَهَا وَلَا تَكْشِفُوهَا فَيمَا تَعْرِفُونَهَا فَإِنَّهُ أَيِ: الشَّأْنُ مَنْ يَتَّبِعْ: بِتَشْدِيدِ التَّاءِ مَجْزُومًا، وَقِيلَ مَرْفُوعًا، أَيْ مَنْ يَطْلُبُ عَوْرَةَ أَخِيه أَيْ: ظُهُورَ عَيْبِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ أَيِ: الْكَامِلِ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ الْحَذَرُ وَالتَّحْذِيرُ عَنْهُ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ ذَكَرَهُ عَلَى سَبِيلِ الْمُشَاكَلَةِ أَيْ: يَكْشِفُ عُيُوبَهُ ... وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ: مِنْ فَضَحَ كَمَنَعَ أَيْ يَكْشِفُ مَسَاوِيَهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ أَيْ لَوْ كَانَ فِي وَسَطِ مَنْزِلِهِ مَخْفِيًّا مِنَ النَّاسِ، قَالَ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ. انتهى.

أما التجسس على المسلم وتتبع عيوبه بالاطلاع على هاتفه أو بريده أو بأي وسيلة فإنه لا يجوز، قال الله سبحانه: وَلَا تَجَسَّسُوا {الحجرات:12}.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم: ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تباغضوا وكونوا إخواناً.

وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله. رواهالترمذي.

وعن معاوية ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم. رواه أبو داود وصححه الألباني.

وانظر الفتويين رقم: 60017، ورقم: 77776، للمزيد من الفائدة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني