الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاقتداء بإمام يتعمد الحلف بغير الله تعالى

السؤال

سبق أن سألتكم عن إمامنا وصفاته، والآن أضيف صفة أخرى، وهذه حقيقة وليس افتراء: فهو أيضا يحلف بغير الله وأنا متأكد أنه يدرك ذلك، ولا يجوز الحلف بغير الله وأنه يدرك ذلك، ولو سألته مثلا هل الحلف بغير الله حرام أم حلال لقال حراما، ولكنه يتعمد، وأنا أقول بين قوسين أمامنا ليس ذا شخصية وهو معروف في القرية وأهلها يقرون بذلك، أفيدونا من فضلكم ماذا نفعل؟ ربما ستقولون انصحوه وأنا أقول ربما لن يوافقك على الأمر وسيستمر على رأيه أو يسيء إليك بالصراخ وعدم اللين ...إلخ، أو ربما يأخذ بنصيحتنا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الحلف بغير الله تعالى أمر خطير وقد ورد النهي عنه في الأحاديث الصحيحة فمن ذلك ما جاء في الصحيحين عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت.

ومن الأدلة على خطورته ما رواه أبو داود وغيره أن ابن عمر : سمع رجلا يحلف لا والكعبة، فقال له ابن عمر: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حلف بغير الله فقد أشرك. صححه الألباني.

وفي رواية لأحمد: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك.

قال ابن عبد البر في التمهيد: وفي هذا الحديث من الفقه أنه لا يجوز الحلف بغير الله عز وجل في شيء من الأشياء ولا على حال من الأحوال، وهذا أمر مجتمع عليه.

وقال الحافظ في الفتح: والتعبير بقوله: فقد كفر أو أشرك ـ للمبالغة في الزجر والتغليظ في ذلك وقد تمسك به من قال بتحريم ذلك.. وأما اليمين بغير ذلك ـ أي بغير أسماء الله وصفاته ـ فقد ثبت المنع فيها، وهل المنع للتحريم؟ قولان.

ونقل عن إمام الحرمين قوله: فإن اعتقد في المحلوف فيه من التعظيم ما يعتقده في الله حرم الحلف به، وكان بذلك الاعتقاد كافرا، وعليه يتنزل الحديث المذكور، وأما إذا حلف بغير الله لاعتقاده تعظيم المحلوف به على ما يليق به من التعظيم فلا يكفر بذلك.

وعلى كل، فإن الحلف بغير الله إن كان صاحبه لا يعتقد فيه من التعظيم ما يعتقده لله تعالى فإنه لا يكفر به، لكنه يكون فاسقا، وقد بينا أن الراجح من أقوال أهل العلم صحة الصلاة خلف الفاسق، وانظر أقوال أهل العلم في ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 42670، 1636، 61512، 16978، 17894.

ولذلك، فإذا كان هذا الإمام يتعمد الحلف بغير الله تعالى ولا يقبل النصيحة فإنه فاسق ولكن الصلاة تصح خلفه ـ كما رأيت ـ وإن كان الأولى بالإمامة غيره، وعلى من يثق به أو له صلة به أن ينصحه بطرق النصيحة المعروفة، فإن لم يستجب رفع أمره إلى ولي الأمر إن كان موجودا أو إلى جماعة المسلمين التي تقوم مقامه ليتخذوا معه ما يرونه أصلح، وفي خصوص كونه ليس ذا شخصية، فإن هذا لا تأثير له على صحة الصلاة خلفه، هذا ونصح السائل الكريم بمعالجة مشكلة إمامهم بالطرق الشرعية الحكيمة.. ونسأل الله أن يؤلف بين قلوبهم ويجمع كلمتهم على الحق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني