الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دعوة الكفار وكشف شبهاتهم تكون بالحكمة والموعظة الحسنة

السؤال

شيوخنا الأعزاء أحسن الله إليكم.
لي سؤال أرجو من سماحتكم الرد فيه باستفاضة، وتوجيهي إلى ما أقرأ فيه: لي صديق هنا على النت، هو أخ يتصدر للدعوة إلى الله، ويمثل الإسلام على صفحات النت، ويناظر النصارى، ولكن أجد منه سبا وشتما، وتلفظا بألفاظ لا تليق بمسلم، وعندما قلت له يا أخي اتق الله ما هذه بأخلاق مسلمين. قال لي: (أبو بكر الصديق رضى الله عنه قال للكافر: (امصص ببظر اللات ) ولم ينهاه رسول الله عن ذلك.
وأرجو أن تسامحوني سأنقل لكم نصاً من كلام هذا الأخ لتعرفوا هذه الألفاظ التي يقول مثلها، ويقيس فعله بفعل الصديق رضي الله عنه. هذه بعض كلماته: ( تم طرد ابن الوسخة Matta Mlak أخو العاهرة حيعمل صايع علينا ده احنا نطلع دين ام يسوعه ابن الزانية ) أعتذر عن نقل مثل هذه الألفاظ، ولكن هو ينشر هذه الكلمات على العام أمام كل الناس على النت.
وعندما قلت له اتق الله، أتاني بالحديث المذكور عن أبي بكر، وفتوى من موقعكم إسلام ويب وإليكم الفتوى، رقم الفتوى: 59816
وهذا هو الرابط للفتوى:
http://www.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الأصل في حق المسلم التزامه بالأخلاق الحسنة وتَركُه للأخلاق البذيئة، فعن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلَا اللَّعَّانِ، وَلَا الفَاحِشِ، وَلَا البَذِيءِ. رواه الترمذي، وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُمَا، قَالَ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا، وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاَقًا. رواه البخاري ومسلم.
وما تلفظ به أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه في ردِّه على عروة بن مسعود لما أساء الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم (كما هو مبيَّنٌ في الفتوى رقم: 59816) لا يصلُح أن يكون أصلاً في الحوار مع كل كافر، بل الأصل أن تكون دعوة الكفار وكشف شبهاتهم بالحكمة والموعظة الحسنة رجاء إسلامهم، وهذا غالب حال النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، وأما ما كان من أبي بكر رضي الله تعالى فقد كان المقام يقتضيه، كما بينا في الفتوى السابقة، وانظر الفتوى رقم: 22018.

وإذا جاز السبُّ والإغلاظ في القول في مقام الذبِّ عن الإسلام والانتصار للشريعة، فلا يجوز ذلك في كل حال، ولذلك قال الله تعالى: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا {النساء:148}. وعليه فلا يجوز لزميلك أن يسبَّ ذلك الكافر فيقول له: (يا ابن الزانية) وما أشبه ذلك مما هو قذف صريح، ومع كونه لا يوجب حدًا لكون المقذوفة كافرة، إلا إنه إثمٌ يوجب تعزيرًا؛ فأعراض الناس مصونة في الإسلام.

قال الإمام ابن قدامة في المغني: وَيَجِبُ التَّعْزِيرُ؛ لِقَذْفِهِ مَنْ لَيْسَ بِمُحْصَنٍ.

وليحذر زميلك من سبِّ مَن يسميه النصارى يسوعًا، فإنهم يعنون به عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وانظر الفتوى رقم: 78502.

وليحذر صاحبك كذلك من سب دين النصارى؛ لأنه يؤدي غالبًا إلى سب دين المسلمين، فمن غير المتوقع أن يصبر أحد على سب دينه، وإن كان باطلاً، وانظر الفتويين: 16884// 17948.

وانظر أدب الحوار مع أهل الكتاب في الفتوى رقم: 131280.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني