الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

روايات حديث: من قال إذا أصبح: لا إله إلا الله وحده...

السؤال

وجدت أنه مكتوب أنه من الأذكار التي تقرأ بعد صلاتي الفجر والمغرب 10 مرات:{لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد, وهو على كل شيء قدير}، ووجدت الذكر نفسه مضافًا له {يحيي ويميت} بعد كلمة الحمد، فهل هو بالأصل ذكر واحد تعددت رواياته؟ أم أن كلًا منهم منفصل عن الآخر, وعليّ أن آتي بهذا وهذا؟
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد وردت هذه الأذكار في عدة أحاديث وتعددت رواياتها، وفي بعضها زيادة بعض الألفاظ، كالجملة التي ذكرها السائل: يحيي ويميت, وكجملة: بيده الخير.
ومن هذه الأحاديث:

ـ حديث أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال إذا أصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ـ عشر مرات ـ كتب الله له بهن عشر حسنات، ومحا بهن عشر سيئات، ورفع له بهن عشر درجات، وكن له عدل عتاقة أربع رقاب، وكن له حرسًا حتى يمسي. ومن قالهن إذا صلى المغرب دبر صلاته فمثل ذلك حتى يصبح. قال المنذري: رواه أحمد, والنسائي, وابن حبان في صحيحه، وهذا لفظه. اهـ. وحسنه الحافظ ابن حجر, والألباني.
وفي رواية لأحمد لهذا الحديث: فإن قال حين يمسي فمثل ذلك, بدل: ومن قالهن إذا صلى المغرب.

ـ ومنها حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين ينصرف من صلاة الغداة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير ـ عشر مرات ـ أعطي بهن سبعًا: كتب الله له بهن عشر حسنات، ومحا عنه بهن عشر سيئات، ورفع له بهن عشر درجات، وكن له عدل عشر نسمات، وكن له حفظًا من الشيطان، وحرزًا من المكروه، ولم يلحقه في ذلك اليوم ذنب إلا الشرك بالله, ومن قالهن حين ينصرف من صلاة المغرب أعطي مثل ذلك ليلته. قال المنذري: رواه ابن أبي الدنيا, والطبراني بإسناد حسن, واللفظ له اهـ. وحسنه الألباني بطرقه.

ومن الأحاديث التي فيها زيادة: يحيي ويميت:

ـ حديث عمارة بن شبيب السبائي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ـ عشر مرات ـ على إثر المغرب، بعث الله له مسلحة يحفظونه من الشيطان حتى يصبح، وكتب الله له بها عشر حسنات موجبات، ومحا عنه عشر سيئات موبقات، وكانت له بعدل عشر رقبات مؤمنات. قال المنذري: رواه النسائي, والترمذي, وقال: حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث ليث بن سعد، ولا نعرف لعمارة سماعًا من النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ. وحسنه الألباني بطرقه.

ـ ومنها حديث عبد الرحمن بن غنم - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قال قبل أن ينصرف ويثني رجليه من صلاة المغرب والصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ـ عشر مرات ـ كتب الله له بكل واحدة عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكانت له حرزًا من كل مكروه، وحرزًا من الشيطان الرجيم، ولم يحل للذنب أن يدركه إلا الشرك، وكان من أفضل الناس عملًا إلا رجلًا يفضله يقول أفضل مما قال. قال المنذري: رواه أحمد, ورجاله رجال الصحيح، غير شهر بن حوشب, وعبد الرحمن بن غنم مختلف في صحبته, وقد روي هذا الحديث عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم -. اهـ. وحسنه الألباني بطرقه.

ـ ومنها حديث أبي ذر - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال في دبر صلاة الفجر وهو ثان رجليه قبل أن يتكلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ـ عشر مرات ـ كتب الله له عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان يومه ذلك كله في حرز من كل مكروه، وحرس من الشيطان، ولم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله. قال المنذري: رواه الترمذي, واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب صحيح, والنسائي وزاد فيه: "بيده الخير", وزاد فيه أيضًا: "وكان له بكل واحدة قالها عتق رقبة مؤمنة" اهـ. وحسنه الألباني بطرقه.

وقد ورد نحو هذا الذكر في أذكار الصباح والمساء، كما في حديث أبي عياش الزرقي - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال إذا أصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير, كان له عدل رقبة من ولد إسماعيل، وكتب له عشر حسنات، وحط عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان في حرز من الشيطان حتى يمسي, وإن قالها إذا أمسى كان له مثل ذلك حتى يصبح. رواه أبو داود, وابن ماجه, وأحمد, وصححه الألباني.

كما ورد تكراره مائة مرة في اليوم كله، كما في حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد أفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك. رواه البخاري ومسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني