الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النهي عن تمني الموت، وأجود ما يستعان به على تحمل المصائب

السؤال

ينتابني تعب من المصائب التي قدرها الله لاختبار العبد، ولا أعترض على وقوعها لي، ولكن ينتابني شعور بالضيق بينما
أرى نفسي في هذا الموقف وأقول: ( هذه فتنة ابتلاني الله بها ليرى ما أصنع والله يعلم ما يكون اختياري )
فأتمنى الموت وأدخل الجنة وارستريح من هذه الفتن والاختبارات
وأحيانا أواجه صعوبة الصبر وأحيانا تخرج مني كلمه تدل على عدم الرضا بدون قصد
فارجو النصح

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :

فما تشعر به من ضيق وألم وتعب عند حدوث المصيبة لا تُلام عليه , والنفس البشرية جُبِلت على هذا , وقد بينا في الفتوى رقم 134535والفتوى رقم 139774 أن الحزن والضيق عند المصيبة لا ينافي الصبر والرضا , ولكن تمني الموت عند المصيبة منهي عنه , ففي الصحيحين من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي. ودخول الجنة هي أمنية كل مؤمن ولكن لا يُتمنى الموتُ؛ لأن العبد لا يدري إذا مات هل يدخل الجنة أم النار؟ نسأل الله السلامة والعافية.

فننصحك أخي السائل بأن تصبر عند المصائب , وحقيقة الصبر الشرعية هي: حَبْس النَّفْس عَنْ الْمَكْرُوه، وَعَقْد اللِّسَان عَنْ الشَّكْوَى، وَالْمُكَابَدَة فِي تَحَمُّله، وَانْتِظَار الْفَرَج. وهذا أَحْسَن مَا وُصِفَ بِهِ الصَّبْر كما قال الحافظ في الفتح , فاجتهد في تحقيقه لا سيما أول نزول المصيبة ففي الصحيحين مرفوعا " إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى " قال العلماء: " مَعْنَاهُ عِنْد الْحَمْلَة الْأُولَى، وَابْتِدَاء الْمُصِيبَة، وَأَوَّل لُحُوق الْمَشَقَّة، وَإِلَّا فَكُلّ أَحَد يَصْبِر بَعْدهَا "

ولتحذر أيها السائل من التلفظ بأي لفظ فيه تسخط على أقدار الله تعالى , ولتستحضر ثواب الله تعالى للصابرين وما أعده لهم من الأجر الجزيل، فإن استحضار ذلك يهون المصيبة ويخففها ويحمل على الصبر عليها. وقد روى الترمذي وغيره – وحسنه الألباني – من حديث جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:يَوَدُّ أَهْلُ الْعَافِيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يُعْطَى أَهْلُ الْبَلَاءِ الثَّوَابَ لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ فِي الدُّنْيَا بِالْمَقَارِيضِ. اهــ
ومن أعظم ما يعينك على تحمل المصائب مع الصبر أداء الصلاة، فإن الله تعالى قال {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ } قال ابن كثير : بين تعالى أن أجود ما يستعان به على تحمل المصائب: الصبر والصلاة، كما تقدم في قوله: { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ } [البقرة: 45] . وفي الحديث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حَزَبَه أمر صلى .. اهــ

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني