الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفتور عن الطاعة بعد الاجتهاد.. رؤية شرعية

السؤال

إذا تعود العبد في بداية التزامه على عمل مستحب مثل قيام الليل، أو صيام الاثنين والخميس والثلاثة البيض من كل شهر وكان يشعر بحلاوة الإيمان، ثم بعد الزواج وكثرة المسؤوليات، وقد يكون لضعف الإيمان أيضا، أصبحت هذه الأعمال أثقل على النفس، وأصبح يجبر نفسه عليها بدلا من أن يشعر بحلاوة فيها.
فهل يقبل منه هذا أم إنه لا يجوز إكراه النفس على العمل حتى يقوى إيمانه مرة أخرى ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :

فنقول ابتداء: إنه ليس من شك في أن النفس لها إقبال وإدبار, وقلما يوجد شخص يعيش على وتيرة واحدة. وقد روى أحمد في المسند من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةٌ، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ، وَمَنْ كَانَتْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ .

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: فَتَخَلُّلُ الْفَتَرَاتِ لِلسَّالِكِينَ: أَمْرٌ لَازِمٌ لَا بُدَّ مِنْهُ. فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى مُقَارَبَةٍ وَتَسْدِيدٍ، وَلَمْ تُخْرِجْهُ مِنْ فَرْضٍ، وَلَمْ تُدْخِلْهُ فِي مُحَرَّمٍ: رَجَا لَهُ أَنْ يَعُودَ خَيْرًا مِمَّا كَانَ. اهــ
وينبغي له عند شعوره بالفتور والكسل عن الطاعات المستحبة – كقيام الليل - أن يسوس نفسه برفق ويجاهدها على فعل تلك المستحبات من غير أن يشق عليها ولو بأقل مما كان يفعله وقت نشاطه، وهذا حتى لا ينقطع عن قيام الليل بالكلية, لأن الانقطاع عما اعتاده المرء بالكلية مكروه، ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عبد الله؛ لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل.

قال الحافظ ابن حجر: وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الدَّوَامِ عَلَى مَا اعْتَادَهُ الْمَرْءُ مِنَ الْخَيْرِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ، وَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ كَرَاهَةُ قَطْعِ الْعِبَادَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً. اهــ.

وقال النووي: وفي هذا الحديث وكلام ابن عمرو أنه ينبغي الدوام على ما صار عادة من الخير ولا يفرط فيه. اهـــ

وانظر الفتوى رقم 99934 والفتوى رقم 191197 والفتوى رقم 34831 والفتوى رقم 67770.

والله تعالى أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني