الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فرق كبير بين الشك في العقيدة وبين الوسوسة

السؤال

كيف يخرج المصاب بالشك في العقيدة من الإسلام بينما يقول الله سبحانه: لا يدخل النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان؟ ثم إن الشك عمل فكري خارج عن الإرادة، فكيف يحاسب الإنسان على ما لا سيطرة له عليه؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنريد أولا أن ننبه إلى أن قول: لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، هو حديث شريف، أي من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بينا معناه في الفتوى رقم: 77925.

وإذا عدت إليها علمت أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن بالله والنبي صلى الله عليه وسلم. والشك عكس ذلك، قال العسكري في الفروق عن الشك: وقوف بين النقيضين من غير تقوية أحدهما على الآخر. انتهى.

وعلى هذا، فهو ضد الإيمان واليقين، فالشاك يجوز صدق النبي صلى الله عليه وسلم وكذبه، جاء في جمهرة اللغة: وَالشَّكّ: ضد الْيَقِين.

وجاء في التعريفات للجرجاني: اليقين: نقيض الشك، وقيل: اليقين: رؤية العيان بنور الإيمان. اهـ

وقد بينا في الفتوى رقم: 128213، الفرق بين الشك المؤدي للكفر وبين الوسوسة، فراجعها للأهمية.

والذي نحب أن نلفت نظرك إليه ـ أخانا الكريم ـ أن الله أرحم الراحمين، وهو أرحم بعبده من الوالدة بولدها، فلست أرحم بالشاك من ربه، كما نُقِل عن الحسن البصري رحمه الله: إن أهل النار يدخلون النار وإن حمد الله لفي قلوبهم.

وذلك لأنهم علموا أن ذلك منتهى العدل، ومنتهى الحكمة، قال ابن عاشور في تفسير قوله تعالى: يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا {مريم:45} عن استخدام اسم الرحمن مع أن السياق سياق تعذيب: وَلِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ أَصْلَ حُلُولِ الْعَذَابِ بِمَنْ يَحُلُّ بِهِ هُوَ الْحِرْمَانُ مِنَ الرَّحْمَةِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ عَبَّرَ عَنِ الْجَلالَة بِوَصْف الرحمان لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ حُلُولَ الْعَذَابِ مِمَّنْ شَأْنُهُ أَنْ يَرْحَمَ إِنَّمَا يَكُونُ لِفَظَاعَةِ جُرْمِهِ إِلَى حَدِّ أَنْ يُحْرِمَهُ مِنْ رَحْمَتِهِ مَنْ شَأْنُهُ سَعَةُ الرَّحْمَةِ. اهـ

ثم بعد الاطلاع على أسئلتك وجدنا أن كثيرا منها في الشك والوسواس لذا نود نصيحتك بضرورة التداوي من الوسواس القهري، وحاول قراءة كتاب: الوسواس القهري ـ د. محمد شريف سالم، نسأل الله لك الشفاء والعافية، وللمزيد حول كيفية علاج الوسوسة انظري الفتويين رقم: 51601، ورقم: 134196.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني