الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأدلة على وفاة الخضر وإلياس عليهما السلام

السؤال

هل سيدنا الخضر وإلياس عليهما السلام مازالو أحياء حتى قيام الساعة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد اختلف الناس في أمر الخضر عليه السلام اختلافاً متبايناً فقد اختلفوا في اسمه ونسبه ونبوته وحياته إلى الآن على أقوال:
-فذهب جماعة من العلماء إلى أنه حي وممن قال بذلك الإمام القرطبي في تفسيره 5/296 والإمام النووي وابن الصلاح، والإمام العراقي في طرح التثريب وغيرهم.
-وذهب آخرون إلى موته، وممن قال بذلك البخاري، واختاره أبو بكر ابن العربي، والإمام ابن الجوزي في كتابه "عجالة المنتظر في شرح حال الخضر"، وابن كثير في تفسيره وفي كتابه البداية والنهاية، والشنقيطي في أضواء البيان وغيرهم.. وقد استدل القائلون بحياة الخضر عليه السلام بأحاديث وآثار عن الصحابة والتابعين لم يصح منها شيء.
قال ابن كثير في البداية: وقد تصدى الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله في كتابه "عجالة المنتظر في شرح حالة الخضر" للأحاديث الواردة في ذلك من المرفوعات فبين أنها موضوعة، ومن الآثار عن الصحابة والتابعين فمن بعدهم فبين ضعف أسانيدها ببيان أحوال وجهالة رجالها. وقد أجاد في ذلك وأحسن الانتقاد. انتهى
وقال ابن كثير في تفسيره 3/135: وذكروا في ذلك -أي القائلون بحياته- حكايات وآثاراً عن السلف وغيرهم، وجاء ذكره في بعض الأحاديث ولا يصح شيء من ذلك.. وأشهرها حديث التعزية وإسناده ضعيف. ورجح آخرون من المحدثين وغيرهم خلاف ذلك واحتجوا بقوله تعالى: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء:34].
وبقول النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر: اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض.
وبأنه لم ينقل أنه جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا حضر عنده ولا قاتل معه، ولو كان حيا لكان من أتباع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لأنه عليه السلام كان مبعوثاً إلى جميع الثقلين: الجن والإنس، وقد قال: لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي. وأخبر قبل موته بقليل أنه لا يبقى من هو على وجه الأرض إلى مائة سنة من ليلته تلك عين تطرف.. إلى غير ذلك من الدلائل.
انتهى.
وقد عقد محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في كتابه أضواء البيان 2/420 فصلاً أطال فيه النفس وأثبت بالمنقول والمعقول موت الخضر عليه السلام وهو مبحث نفيس نوصي السائل الكريم بمراجعته. وأما إلياس عليه السلام فالقول فيه كالقول في الخضر عليه السلام أنه قد مات لعموم الأدلة المتقدمة.

قال ابن كثير في البداية والنهاية : وقد قدمنا قول من ذكر أن إلياس والخضر يجتمعان في كل عام من شهر رمضان ببيت المقدس وأنهما يحجان كل سنة ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى مثلها من العام المقبل، وأوردنا الحديث الذي فيه أنهما يجتمعان بعرفات كل سنة، وبينا أنه لم يصح شيء من ذلك، وأن الذي يقوم عليه الدليل أن الخضر مات، وكذلك إلياس عليهما السلام. انتهى
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني