الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما تتحقق به صلة الرحم

السؤال

عندي سؤال يسبب لي قلقا.
عندي مرض وراثي مزعج جدا، فبسببه أتجنب مخالطة الناس حتى لا ينظرون لي نظرة الشفقة، فقط أصادق الناس الذين على دين وخلق ويتفهمون حالتي المرضية.
المشكلة أني مقصر في صلة الرحم، ولنفس السبب كل ما أزور الأقارب ينتاب الناس الهدوء ونظرات الشفقة تعلو سيماهم.
حقيقة أني أكره هذا جدا، ولا أزور الأقارب إلا في العيدين.
هل أنا أعتبر قاطع رحم في هذه الحالة أم أني معذور شرعا بسبب العلة التي أعاني منها؟.
بالمناسبة مرضي مثبت على يد أطباء، وهو مرض باطني، وفي الغرب أصحاب هذا المرض مصنفون على أنهم ذوو احتياجات خاصة.
أنا أقسم بالله إن شفيت من هذا المرض سوف أصحح التقصير في هذا الجانب.
أنتظر جوابا منكم.
بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك مما أنت فيه، ونوصيك بالإكثار من الدعاء مع الصبر على البلاء.

ثم اعلم أن الرحم أمرها عظيم في الإسلام، ونصوص الشرع متضافرة على وجوب صلتها وتحريم قطعها، ويكفي في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة قاطع. رواه البخاري ومسلم والمراد بالقاطع قاطع الرحم، فالواجب على المرء صلة أرحامه بما تتحقق به الصلة عرفا؛ كما بينا سابقا في الفتوى رقم: 269998.

وينبغي له الصبر على أذاهم وسوء معاملتهم، فله في ذلك الأجر الجزيل، ولن يضره أذاهم مطلقا، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابه أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك.

ولا مانع من ترك زيارتهم إن كنت تتضرر بما يصدر منهم تجاهك، ولم يمكن تفادي ذلك الضرر، على أن لا تهجرهم بالكلية، بل تتصل بهم هاتفيا من حين لآخر لتطمئن على أحوالهم، وتصلهم بأنواع الصلة الأخرى التى لا تتطلب زيارة إن أمكن، فإذا فعلت ذلك فإنك لا تعد قاطعا للرحم.

جاء في شرح المشكاة للطيبي : للصلة درجات بعضها أرفع من بعض وأدناها ترك المهاجرة، وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة، فمنها واجب، ومنها مستحب، لو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعا، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له لم يسم واصلا. اهـ

وفي مجموع فتاوى ابن باز: والواجب عليك صلة الرحم حسب الطاقة, بالزيارة إذا تيسرت, وبالمكاتبة وبالتلفون ـ الهاتف ـ ويشرع لك أيضا صلة الرحم بالمال إذا كان القريب فقيرا, وقد قال الله عز وجل : {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وقال سبحانه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم » متفق على صحته. اهـ

ولمزيد الفائدة راجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 13912 - 23737 - 26850 - 18350.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني