الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في أخذ العمولة

السؤال

بحكم أني أتقن اللغة الإنجليزية، وتقنيات الإعلام الآلي، فإن أحد معارفي يعمل كسمسار، عرض علي أن أساعده في الاتصال بمورد أجنبي، من أجل اقتناء مصنع لصالح رب العمل، الذي بدوره سيلجأ إلى الاقتراض من البنك، من أجل دفع ثمن المصنع، الغالب أن هذا المال المقترض سيكون ربويا.
بعد الاتصال بالشركة الأجنبية، والاتفاق معها، قررنا شراء المصنع من عندها، وستدفع للسمسار مبلغا ماليا معينا، بقيمة 6 بالمائة من ثمن المصنع، وذلك دون علم المشتري، وذلك من أجل اختيارنا لها كمورد، ورب العمل سيدفع ثمن المصنع.
اتفقت مع هذ السمسار على أن يعطيني 35 بالمائة من المبلغ المتحصل عليه من الشركة الموردة.
أولا: ما حكم أخذ السمسار لهذا المبلغ من الشركة الموردة، دون علم المشتري (رب العمل)؟
ثانيا: ما حكم الـ 35 بالمائة التي سيعطيها لي السمسار، مقابل العمل الذي قدمته له كمترجم، وكمتقن لمهارات الإعلام الآلي.
مع العلم أن تقاضي هذه الـ 35 بالمائة، لا يتم إلا بتقاضي الـ 6 بالمائة من المورد الأجنبي، وهذا لا يتم إلا بشراء هذا المصنع، الذي بدوره لا يتم إلا باللجوء إلى الاقتراض من البنك (أغلب الظن أنه ربوي) من طرف رب العمل.
الرجاء التفصيل في جوانب هذه المعاملة، وخاصة فيما يتعلق بي كمترجم، ومهندس في مجال الإعلام الآلي. بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأولا: حيث غلب على ظنك أن رب العمل إنما سيقترض بالربا لشراء المصنع المذكور، فلا تجوز إعانته على إتمام تلك المعاملة بأي وجه من الوجوه، سواء بالاتصال بالمورد، أو الترجمة، أو غير ذلك؛ لعموم قوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.

أما إن كان رب العمل قد اقترض بالفعل، أو كنت تجهل حاله، فلا حرج عليك حينئذ. وانظر لمزيد الفائدة الفتاوى أرقام: 155349، 46532، 105825، 231094

ثانيا: بخصوص ما يأخذه السمسار من الشركة الموردة، نقول: إن كان هذا السمسار وكيلا عن المشتري في الشراء، فلا يجوز له أخذ عمولة من الشركة الأجنبية إلا بعلم المشتري.
أما إن كان مجرد سمسار، وليس وكيلا عنه، فلا حرج في أخذه العمولة دون علمه. وانظر الفتوى رقم: 223261 وهذا فيما يخص السمسار، وأما أنت فلا تعلق لهذا بك؛ حيث لا علاقة لك برب العمل أصلا.
ثالثا: في حالة جواز الإعانة على إتمام عملية شراء المصنع، فلا حرج عليك في أخذ عمولة على ذلك، ولو تم الشراء بقرض ربوي؛ فإن حرمة الربا إنما تتعلق بذمة المقترض، لا بمال القرض، ولا بما اشتري به.
ثم إن كان الاتفاق الذي بينك وبين السمسار هو عقد مشاركة، فلا حرج في كون ربحك نسبة مئوية مما سيحصل عليه، أما إن كان العقد الذي بينك وبين السمسار عقد جعالة، ففي جواز كون عمولتك نسبة مئوية مما سيحصل عليه، خلاف بين العلماء، كما سبق بيانه في الفتاوى أرقام: 255217، 169513 ، 111574 وإحالاتها. ولمزيد الفائدة عن الجعالة انظر الفتوى رقم: 67331 وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني