الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحكم من إيراد قصة السامري

السؤال

ما هي الحكم من قصة السامري والعجل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد جاء في القرآن الكريم ذكر العجل، وأن السامري -عليه لعنة الله- صنعه لهم من الذهب، كما قال الله تعالى في سورة الأعراف: وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ {الأعراف: 148}، وقال الله تعالى في سورة طه: قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ * فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ {طـه:87ـ88}.

ولعل من حكمة ذلك، بيان بعض دلائل النبوة، كما قال الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أنه قص على نبيه صلى الله عليه وسلم أخبار الماضين، أي: ليبين بذلك صدق نبوته، لأنه أمي لا يكتب، ولا يقرأ الكتب، ولم يتعلم أخبار الأمم وقصصهم، فلولا أن الله أوحى إليه ذلك لما علمه، بينه أيضا في غير هذا الموضع، كقوله في آل عمران: ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون {3 44} أي: فلولا أن الله أوحى إليك ذلك لما كان لك علم به، وقوله تعالى في سورة هود: تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين {11 49} وقوله في هود أيضا: وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك الآية {11 120} وقوله تعالى في سورة يوسف: ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون {12 102} وقوله في يوسف أيضا: نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين {12 3}وقوله في القصص: وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر {28 44} وقوله فيها: وما كنت بجانب الطور إذ نادينا {28 46} وقوله: وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا {28 45} إلى غير ذلك من الآيات، يعني لم تكن حاضرا يا نبي الله لتلك الوقائع، فلولا أن الله أوحى إليك ذلك لما علمته، وقوله: من أنباء ما قد سبق أي: أخبار ما مضى من أحوال الأمم، والرسل. اهـ.

وقد يكون من الحكم أيضًا بيان جهل اليهود وعبدة الأصنام، كما جاء في تفسير العثيمين: فيه بيان جهل بني إسرائيل الجهل التام، وجه ذلك أن هذا الحلي الذي جعلوه إلهاً هم الذين صنعوه بأنفسهم، فقد استعاروا حلياً من آل فرعون وصنعوه على صورة الثور عجلاً جسداً لا روح فيه، ثم قال السامري: هذا إلهكم وإله موسى فنسي {طه: 88} وزعموا أن موسى ضلّ، ولم يهتد إلى ربه، وهذا ربه! والعياذ بالله، فكيف يكون المصنوع رباً لكم ولموسى، وأنتم الذين صنعتموه! وهذا دليل على جهلهم، وغباوتهم إلى أبعد الحدود، وقد قالوا لموسى عليه الصلاة والسلام، حينما أتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة {الأعراف: 138} قال لهم نبيهم موسى: إنكم قوم تجهلون{ الأعراف: 138} وصدق عليه الصلاة والسلام.. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني