الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من يدخل الجنة سيجد فيها فوق ما كان يشتهيه ويتمناه في الدنيا

السؤال

أعلم أن أهل الجنة لا يدخلون الجنة حتى يطهرون، وتنقى صدورهم؛ لذلك لا يتمنون إلا ما هو طيب، ولكن سؤالي هنا: هل يمكن للإنسان أن يتمنى أشياء ليست سيئة كان يتمناها في الدنيا؟ مثلًا: أريد أن أطير في الفضاء، وأشاهد الكواكب، وأذهب إليها، فهل يمكن أن تتحقق لي مثل هذه الأمنية في الجنة؟ وأنا أعرف أن الله يستطيع أن يفعل أي شيء مهما كان، وكنت أتمنى أن أقابل بعض شخصيات الرسوم المتحركة الخيالية، وأغامر مع الرسوم المتحركة في عالم خاص يصنعه الله لي، وألعب جميع الألعاب الإلكترونية التي أريد أن ألعب بها، فهل يمكن أن يحقق لي الله هذه الأمنيات في الجنة؟ علمًا أن أمنياتي وطلباتي ليست سيئة.
وهناك أيضًا طلب لي لا أعلم إذا كان من الممكن أن يتحقق لي أم لا، وهو أن هناك امرأة كنت أحبها، وأريد أن أتزوجها، ولكنها تزوجت رجلًا آخر؛ لذلك فهي ستصبح زوجة هذا الرجل في الجنة، فهل يمكن أن يزوجني الله بامرأة مثلها، أو تتشكل لي إحدى الحور العين بها؟ وأنا أظن أن مثل هذا الطلب ليس قبيحًا، وأظن أنه طلب عادي.
والآن أطلب من حضراتكم الإجابة عن كل أسئلتي بالتفصيل، ولا أريد إجابات عامة فقط.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأهل الجنة لا يشتهون شيئًا إلا تحقق لهم؛ فقد قال الله تعالى: وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ {فصلت:31}، وقال تعالى: وفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {الزخرف:71}، وقال تعالى: لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ {ق: 35}.

ولذلك فإننا نطمئن السائل بأنه إذا دخل الجنة سيحصل على كل ما يتمناه فيها، وانظر الفتوى رقم: 124381، وهي بعنوان: المؤمن في الجنة لا يحرم من شيء يتمناه.

هذا وننبهك إلى أن ما يتمناه المرء اليوم قد لا يكون هو أمنيته غدًا، وما يتمناه في الدنيا قد لا يكون هو أمنيته في الآخرة، وهذه الدار تختلف عن تلك الدار جملة وتفصيلًا، وليس بينهما اشتراك إلا في الأسماء، فالمهم أن يسعى المرء في تحصيل ما يدخله الجنة من تحقق الإيمان بالله تعالى، وما يقتضيه ذلك من اعتقاد، وقول، وعمل، ثم يسأل الله تعالى دار كرامته التي أعد فيها لعباده الصالحين من النعيم المقيم الأبدي ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

وأما عن الزواج بامرأة كانت متزوجة: فالذي جاءت به الآثار هو أن المرأة في الجنة تكون لزوجها في الدنيا إذا دخل معها الجنة، وإن تعدد أزواجها فإنها تكون للأخير منهم، وقيل تكون لأحسنهم خلقًا، وراجع في هذا فتوانا رقم: 2207.

ولا شك أن من يدخل الجنة سيجد فيها فوق ما كان يشتهيه ويتمناه في الدنيا -كما بيّنّا-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني