الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من قال لزوجته: أنت طالق بالثلاثة إذا ذهبت إلى أهلك

السؤال

زوجي قال لي: أنت طالق بالثلاثة إذا ذهبت إلى أهلك. أنا ما رحت إلى أهلي، رحت عند دار سلفي. أنا ما سمعت إذا ذهبت عند أهلك أنت طالق ثلاثا، لكن هو حكى لي إياها مرتين. ما حكمها؟ وأنا إلى الآن لم أذهب إلى أهلي. فما العمل؟ هل لا أذهب إليهم أبدا أم أذهب؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فينبغي للزوج أن يكون خير معين لزوجته على صلة أرحامها، فذلك مما يقوي الصلة بينهما، ويكتسب به حسن عشرتها. ولا يمنعها من زيارة أهلها إلا لغرض صحيح؛ كخوفه من إفسادها عليه ونحو ذلك. ولو قدر أن منعها من زيارتهم لغير مسوغ شرعي، فينبغي لها أن تطيعه وتترك زيارتهم، فقد ذهب بعض الفقهاء كالشافعية والحنابلة إلى لزوم طاعة الزوج إذا منع من زيارة الوالدين، وللوقوف على أقوال أهل العلم في ذلك تنظر الفتوى رقم: 110919، والفتوى رقم: 7260.
ولا بأس بأن تحاول المرأة إقناع زوجها بالسماح لها بزيارتهم مستعينة عليه بالله عز وجل، ومستشفعة بمن لهم مكانة عنده، ويمكنها أن تصل رحمها بوسائل الصلة الأخرى؛ كالاتصال الهاتفي -مثلا- فقد ذكر أهل العلم أن الصلة يرجع فيها إلى العرف، كما هو مبين في الفتوى رقم: 368842.

وما تلفظ به هذا الزوج هو من جنس الطلاق المعلق بالثلاث، وقد اختلف الفقهاء في حكم الطلاق المعلق، وبينا أقوالهم في ذلك في الفتوى رقم: 17824، وراجعي للفائدة كذلك الفتوى رقم: 117989. واختلفوا أيضا في حكم جمع الطلقات الثلاث في كلمة واحدة، وضمنا أقوالهم في هذه المسألة في الفتوى رقم: 11592. وقول الجمهور هو المفتى به عندنا في المسألتين.

وبناء عليه؛ فإن ذهبت إلى أهلك ( على المعنى الذي قصده زوجك ) وقع الطلاق ثلاثا، وبنت من زوجك بينونة كبرى، فلا تحلين له حتى تنكحي زوجا غيره نكاح رغبة ثم يفارقك، قال تعالى: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {البقرة:230}.

وإذا كان لزوجك نية كأن يكون قد منعك من الذهاب في وقت معين فلا يقع الطلاق بذهابك في غير هذا الوقت. وكذلك الحال إن منعك لسبب، وزال هذا السبب، فذهبت إلى أهلك لا يقع الطلاق. وانظري الفتوى رقم: 264043.

وننبه في الختام إلى أنه لا يشترط لوقوع الطلاق سماع الزوجة له، فإن أخبر الزوج أنه قد تلفظ بطلاق زوجته، فقوله معتبر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني