الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انعقاد النذر بمثل صيغة: (سأتوقف عن فعل شيء ما)

السؤال

نذرت، ولم أكن أعلم حكم النذر ولا ضرورة تنفيذه، وكنت في حالة خوف من شيء ما، فقلت: لو لم يحدث هذا الشيء، فسأتوقف عن فعل المعصية الفلانية، وبعدها لم أستطع التوقف عن المعصية، فهل يجب عليّ الوفاء النذر أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في أنه يجب عليك الإقلاع عن تلك المعصية، والمبادرة بالتوبة منها؛ سواء نذرت تركها أم لم تفعل.

وأما عن انعقاد النذر: فإن نذر ترك معصية هو من نذر الواجب؛ لأن ترك المعاصي واجب بأصل الشرع، ونذر الواجب لا ينعقد عند جماهير العلماء، ولا تلزم كفارة اليمين في حال عدم الوفاء به، وهو الذي نفتي به في أكثر فتاوانا، كما في الفتوى: 284014، وإحالاتها.

على أن انعقاد النذر بمثل صيغة: (سأتوقف عن فعل شيء ما) محل نزاع بين الفقهاء أصلًا، جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: (قوله: كلله عليّ، أو عليّ ضحية) أتى بكاف التمثيل، إشارة إلى عدم انحصار الصيغة في لله عليّ، أو عليّ كذا، فيلزم بكل لفظ فيه إلزام، مثل: إن شفى الله مريضي، أو قدم غائبي، أو نجوت من أمر كذا وكذا، فأنا أصوم يومين، أو أصلي كذا، أو أتصدق بكذا، قاله طفى. قال: ونبهت على ذلك؛ لأن بعض القاصرين توهم أن النذر لا يكون إلا بقوله: لله عليّ، أو عليّ كذا، اغترار منه بظاهر المصنف. اهـ.

وفي كشاف القناع: (نذر التبرر) أي: التقرب (كنذر الصلاة، والصيام، والصدقة على وجه التقرب، سواء نذره مطلقًا، أو معلقًا) بشرط لا يقصد به المنع، والحمل (كقوله: إن شفى الله مريضي، أو سلم مالي، أو طلعت الشمس، فلله عليّ كذا، أو فعلت كذا، نحو تصدقت بكذا، ونص عليه) أحمد (في إن قدم فلان تصدقت بكذا، فهذا نذر) صحيح (وإن لم يصرح بذكر النذر؛ لأن دلالة الحال تدل على إرادة النذر، فمتى وجد شرطه) إذا كان النذر معلقًا (انعقد نذره، ولزمه فعله) لقوله - صلى الله عليه وسلم - «من نذر أن يطيع الله، فليطعه». رواه البخاري. وذم الله تعالى الذين ينذرون ولا يوفون. وقال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} [التوبة: 75]. اهـ.

قال الهيتمي في تحفة المحتاج: وخرج بيلتزم -في قول الماتن: (ونذر تبرر، بأن يلتزم قربة إن حدثت نعمة، أو ذهبت نقمة) - نحو إن شفي مريضي، عمرت دار فلان، أو مسجد كذا، فهو لغو؛ لأنه وعد، لا التزام فيه، وبه يرد على من نظر في ذلك، نعم، إن نوى به الالتزام، لم يبعد انعقاده. اهـ. وقال الرملي في نهاية المحتاج: وخرج نحو: إن شفى الله مريضي، عمرت مسجد كذا، أو دار زيد، فيكون لغوًا؛ لأنه وعد، عار عن الالتزام، نعم، إن نوى به الالتزام، لم يبعد انعقاده. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني