الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محاذير معاهدة الله على فعل طاعة في مقابلة نعمة أو دفع نقمة

السؤال

هل يجوز لي أن أعد الله وعدا إذا حصل لي شيء، أو رزقني شيئا، أو وُفقت في شيء، بأن أفعل شيئا لوجهه سبحانه، مثل أن أتصدق، أو أعمل طاعة من الطاعات؟
وهل يجب أن تكون الطاعة عظيمة بعظم الحاجة التي أريدها، أو لا بأس أن تكون يسيرة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن معاهدة الله جل وعلا، حكمها حكم النذر، يُكره الإقدام عليها؛ لما جاء من النهي عن النذر، وخشية العجز أو التفريط في الوفاء بها.

قال ابن عثيمين: معاهدة الله سبحانه وتعالى على الأعمال الصالحة هي النذر، والنذر نهى عنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقال: (إنه لا يأتي بخير، ولا يرد قضاء). وكثير من الناس ينذر لله عز وجل، أو يعاهد الله عز وجل على فعل الطاعات ليحمل نفسه على فعلها، فكأنه يريد إرغام نفسه على أن تفعل، وقد نهى الله عز وجل عن مثل هذا في قوله: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة). يعني عليكم طاعة معروفة، أي أن تطيعوا الله سبحانه وتعالى بنفوس مطمئنة، غير مضطرة إلى فعل ما أمرت به.

ثم إن عاقبة النذر أحيانا تكون وخيمة، إذا نذر الإنسان شيئا لله في مقابلة نعمة، ثم حصلت تلك النعمة، فلم يف بما عاهد الله عليه. فإن العاقبة وخيمة جدا، كما قال الله تعالى: (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين (75) فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون (76) فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون)

وما أكثر الناذرين الذين ينذرون أشياء في مقابلة نعمة من الله، أو اندفاع نقمة، ثم يندمون، وربما لا يوفون. تجد الإنسان إذا أيس من شفاء المرض، قال: لله علي نذر إن شفاني الله من هذا المرض، أو شفى أبي وأمي أن أفعل كذا وكذا من العبادات. بعضهم يقول أن أصوم شهرين، بعضهم يقول أن أصوم يوم الاثنين ويوم الخميس. وبعضهم يقول أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر. بعضهم يقول أن أصوم سنة كاملة وما أشبه ذلك. ثم إذا حصل ما نذر عليه، ندموا وقاموا يطرقون باب كل عالم لعلهم يجدون الخلاص.

لهذا ننصح إخواننا المسلمين ألا ينذروا شيئا لله عز وجل، ونقول: أطيعوا الله تعالى بلا نذر، اشكروا الله تعالى على نعمه بلا نذر، اشكروا الله على اندفاع النقم بلا نذر. اهـ. من فتاوى نور على الدرب.

ولا يشترط في معاهدة الله جل وعلا -كما النذر- أن تكون طاعة كبيرة، بل الطاعات كلها يصح معاهدة الله جل وعلا عليها.

وراجع للفائدة، الفتاوى: 56564، 16705، 29746.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني