الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من قال: إن لم أكن مصابا بمرض خطير فسأجعل جزءا من راتبي صدقة

السؤال

قبل مدة كنت مريضا، وصارت عندي أعراض خفت كثيرا من أن أكون مصابا بمرض خطير، وعند زيارة الطبيب قال لي إني لست مصابا بهذا المرض، ولكن بقيت متوجسا وخائفا، وأخذت موعدا لإجراء فحص بالصور، وقبل الموعد كنت أقول: يا ربي إن جرى الفحص على ما يرام، ولم يتبين أني مصاب بمرض خطير، فسأجعل جزءا من راتبي صدقة في سبيل الله دائمة، ونويت بها التقرب لله؟ وجرى الفحص، والحمد لله.
فما حكم ما جرى مني؟ وهل هو وعد أم نذر أم ماذا؟ وما الذي عليَّ فعله؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاللفظ الذي ذكرته: "إن لم يتبين أني مصاب فسأجعل ...إلخ" إن نويت عند التلفظ به النذرَ، فإنه يعتبر نذرا، ويلزمك الوفاء به؛ لحديث: مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ. رواه البخاري.

وإن لم تنو به النذر، فإنه ليس فيه ما يشعر بالالتزام كلفظ (لله) أو (عليَّ) ونحوهما، فهو من ألفاظ الكناية التي لا ينعقد بها النذر بدون نيته.

جاء في شرح مختصر خليل للخرشي: كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي، فَعَلَيَّ كَذَا، أَوْ فَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ، فَصِيغَتُهُ كَصِيغَةِ النَّذْرِ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ. (فَإِنْ قُلْت) مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي، فَدَارِي صَدَقَةٌ نَذْرٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ لَا بُدَّ لِلنَّذْرِ مِنْ صِيغَةٍ وَهِيَ: لِلَّهِ أَوْ عَلَيَّ. (قُلْت) كَلَامُهُ فِي بَحْثِ الصِّيغَةِ يُفِيدُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِنَذْرٍ. اهــ

ويرى بعض الفقهاء أن هذا اللفظ يلزم الوفاء به، جاء في حاشية العدوي: إنْ قَالَ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَدَارِي صَدَقَةٌ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ. اهــ.

ويستحب للمسلم إذا عزم على فعل أو إحسان أن يمتثل ما عزم عليه، قال تعالى: فَأَوْلَى لَهُمْ * طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ {محمد: 20-21} وقال عز وجل: وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا {البقرة:177}. وانظر الفتوى: 102449.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني