الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأنس بذكر الله جنة المؤمن

السؤال

دمتم في حفظ الله إخوتي الكرام، وحفظكم الله بحفظه، ونفع بكم خلقه، ورزقكم حسن الختام.
موضوعي متمثل في الآتي: أنا لم أكمل 18 من عمري -أي في عمر 17- وأصلي في المسجد كل الفروض مع النوافل، ولكنِّي بعد أن أدركت أسماء الله الحسنى زدت روحيا وجسديا بمعنى إني أتحدث، وأعلم أن الله معي، وأذهب إلى المسجد، ويطرأ على بالي حديثه القدسي -عز وجل- (ومن أتاني يمشي أتيته هرولة)، فأتعجب من أن ذي الجبروت، وملك الملوك بعظمته يفرح بالعبد الآتي إليه ماشيا، فما أعظمه مولى وربًّا، وحين أذكره يذكرني عنده، سواء كان في نفسه، أو في ملأ أفضل من ملئي، وهكذا، ولكن بشعور مختلف، بشعور عاشق لمعشوق -أعزكم الله-. فمنذ أسبوع مضى دعوت الله ربي -عز وجل- أن يوقد في قلبي حبه، وحب رسوله عليه الصلاة والسلام، فبعدها بيوم أو أكثر كانت صلاة العشاء، فذهبت إلى مسجد يبعد عن منزلي حوالي 500 متر أو أكثر، وكلما أخطو خطوة يقشعر جسدي، أو ذكر الله في القلب أيضا، وأشعر وكأنه في قلبي قطعة من الجمر للشوق، أو ذكر رسوله -صلى الله عليه وسلم- أو التسبيح، أو في الصلاة.
ففي صلاة العشاء انهمرت الدموع، وكنت لا أستطيع التوقف عن البكاء، لأني لم أرد أن يراني أحدهم أبكي، فلم أستطع، فكلما حاولت الانقطاع عن البكاء زدت أكثر من ذي قبل، فمنذ ذلك لو ذكر اسم الله الأعظم أمامي اقشعرَّ جسدي، وزاد الجمر في قلبي، فإني والله أكتب وقلبي يحترق شوقا وحبا، أو صليت على رسوله، أو نمت متوضئا، أو فعلت أيَّ شيء فيه قليل من العبادة يحدث كل ذلك.
والشعور الأعظم عند موضعين اثنين: أثناء الصلاة، وتلاوة، أو مراجعة القرآن الكريم، يحدث ذلك، بل يشتد عليّ من دون أي موضع آخر، فأحس أن قلبي وروحي سيخرجان مني أثناء الصلاة، أو الذكر، أو التلاوة، أو أيِّ شيء من ذلك.
فأفيدوني أفادكم الله. هل هذا خير أم شر؟
وشكرا لحضراتكم مقدما...!

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله لك تمام التوفيق، ودوام التوفيق، وهذا الذي يحصل لك أمر حسن جميل، فإن محبة الله تعالى والأنس بذكره والشوق إليه هو جنة الدنيا الحاضرة، وحصول القشعريرة عند ذكر الله، وتلاوة كتابه؛ من علامات المؤمنين، قال تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ {الزمر:23}.

فاستمر فيما أنت عليه، وسل الله دوام التوفيق، وتمام التوفيق، وننبه إلى أن محبة الله تعالى لا تسمى عشقا لما بيناه في الفتوى: 116063.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني