الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المفاضلة بين صدقة الفقير والغني

السؤال

لو حجّ الغني كثيرًا، وأدّى الزكاة كثيرًا، وكفل الأيتام، فعل الكثير من أعمال الخير، وفعل الأقلّ منه غنى ذلك أيضًا، ولكن الغني فعل أكثر، فمن يكون له ثواب أكثر؟ وما ذنب الأقل غنى أنه لم يكن معه مال ليفعل به ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد دلّت السنة على أن صدقة الفقير المحتاج بالقليل، قد تكون أفضل من صدقة الغني، وفي هذا جاء الحديث: سَبَقَ دِرْهَمٌ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، قَالُوا: وَكَيْفَ؟ قَالَ: كَانَ لِرَجُلٍ دِرْهَمَانِ، تَصَدَّقَ بِأَحَدِهِمَا، وَانْطَلَقَ رَجُلٌ إِلَى عُرْضِ مَالِهِ، فَأَخَذَ مِنْهُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَتَصَدَّقَ بِهَا. رواه النسائي.

قال السندي في حاشيته: وَظَاهر الْأَحَادِيث أَن الْأجر على قدر حَال الْمُعْطِي، لَا على قدر المَال الْمُعْطى، فَصَاحب الدرهمين حَيْثُ أعْطى نصف مَاله، فِي حَال لَا يعْطي فِيهَا إلا الأقوياء، يكون أجره على قدر همّته، بِخِلَاف الْغني؛ فَإِنَّهُ مَا أعْطى نصف مَاله، وَلَا فِي حَال لَا يعْطى فِيهَا عَادَة. اهـ.

وفي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: جُهْدُ الْمُقِلِّ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

قال ابن القيم في عدة الصابرين: وهذه الأحاديث كلها تدل على أن جهد المقلّ أفضل من صدقة كثير المال ببعض ماله الذي لا يتبيّن أثر نقصانه عليه، وإن كان كثيرًا؛ لأن الاعمال تتفاضل عند الله بتفاضل ما في القلوب، لا بكثرتها وصورها، بل بقوة الداعي، وصدق الفاعل، وإخلاصه، وإيثاره الله على نفسه، فأين صدقة من آثر الله على نفسه برغيف هو قُوته إلى صدقة من أخرج مائة ألف درهم من بعض ماله غيضًا من فيض!؟ فرغيف هذا درهمه في الميزان أثقل من مائة ألف هذا. اهــ.

ومن جهة أخرى؛ فقد يتصدّق المرء بالقليل، فيبارك الله فيه، كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تصدّق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، وإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها، كما يربّي أحدكم فلوّه؛ حتى تكون مثل الجبل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني