الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يلزم الحائض إذا طهرت قبل الفجر

السؤال

جزاكم الله خير الجزاء على ما تقدمونه، أنا مصابة بالوسوسة في عبادات كثيرة؛ منها: الصلاة. ابتليت بالشدة والتعب الشديد فيها، فأصبحت أصليها بصعوبة، وفي يوم من الأيام طهرت من الحيض قبل الفجر، الساعة الثالثة صباحا تقريبا، وعندما اغتسلت شعرت أن الفجر اقترب، وأن صلاة العشاء لم تعد لازمة عليّ، كما أنني أعلم الاختلاف في حكم خروج وقتها، وأن منهم من قال إلى الفجر، ومنهم من قال إلى منتصف الليل؛ كابن عثيمين -رحمه الله-، لم أصلّ العشاء ذلك اليوم، وبعدها قرأت في الفتاوى، فشعرت بضيق شديد.
علما أنني ملتزمة بالصلاة -ولله الحمد- دائما، عدا الفوائت، أو ما أريد إعادته بسبب الوساوس، فأكتبه حتى يعافيني الله من الوسواس قريبا -إن شاء الله-، وأقضي.
وفي اليوم التالي ذهبت للتنزه مع أهلي للشاطئ، وصعب علي أن أتوضأ للعشاء، والمكان مكشوف قليلا، فقال لي أخي: إن لديك وقتا حتى الفجر، وفعلا بقيت حتى عدت البيت، وصليتها قبل الفجر بوقت أتوقع حوالي الساعة الواحدة أو الثانية، وشعرت بضيق شديد، وكأنني أخذت برأيين في مسألة واحدة، ولا أعلم الحكم، وقد قضيت العشاء ذاك فما هو الحكم؟
هل أذنبت فيما فعلت؟ أم أنني أخذت برأي قوي في المسألة؟ ولقد سمعت سائلة تسأل الدكتور خالد المصلح: هل تصلي العشاء، وهي طهرت قبل الفجر؟ فقال لا.
أنا دائما -ولله الحمد- أصلي العشاء قبل منتصف الليل، أو نحوه إلا للضرورة، أو مثلا كالاستحمام الطويل، أو ما شابهه، ولكن لا أؤخرها كثيرا.
أتمنى أن يكون سؤالي واضحا خصوصا أنني موسوسة، والشيطان يضغط علي كثيرا، ويشعرني أنني أهملت، وأنني ربما -والعياذ بالله- وقعت في الكفر.
أفيدوني، رضي الله عنكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالذي نفتي به، ونختاره أن وقت العشاء ممتد إلى طلوع الفجر، وأن وقتها إلى نصف الليل وقت اختيار، وما بعد نصف الليل وقت ضرورة، وأن الحائض إذا طهرت قبل الفجر لزمها أن تغتسل، وتصلي المغرب والعشاء لفتاوى الصحابة -رضي الله عنهم- بذلك، وانظري الفتوى: 120367.

ومن العلماء من يرى أنه لا يلزم قضاء المغرب، ولا يلزم إلا قضاء العشاء، وهو مذهب الحنفية، ومنهم من يرى أنه لا تلزم الصلاة إن لم يبق وقت يتسع لفعلها كاملة مع ركعة مما قبلها، وهو قول المالكية.

ويسعك العمل بالقول الأرفق بك ما دمت موسوسة، وانظري الفتوى: 181305.

وإذا كنت قضيت العشاء فقد فعلت الصواب، وبرئت ذمتك بذلك -والحمد لله-، فلا داعي للقلق، ولا ينبغي أن تتعمدي تأخير العشاء إلى ما بعد نصف الليل؛ لأنه -كما ذكرنا- وقت ضرورة.

ولا ينبغي لك التنقل بين الأقوال، واختيار ما شئت منها، بل تقلدين من تثقين به، وتستمرين في العمل بقوله، إلا إن ظهر لك ما يقتضي ترجيح القول الآخر.

وانظري لبيان ما يفعله العامي في مسائل الخلاف الفتوى: 169801.

ولبيان حكم الانتقال من مذهب لآخر الفتوى: 186941.

وعليك أن تجاهدي الوساوس، وألا تسترسلي معها؛ فإن استرسالك مع الوساوس يفضي بك إلى شر عظيم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني