الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من قال: "ربي إني نذرت لك نفسي" دون أن ينوي النذر

السؤال

أنا شاب تاب الله عليّ، وأصبحت من أهل المساجد، وأهل تلاوة القرآن، وتمسّكت بالدين -والحمد لله-، ومع مرور الوقت تلفظّت بقولي: "ربي إني نذرت لك نفسي"، ولم أقصدت بذلك النذر المتعارف عليه، وإنما قصدت أن أتعلّم العلم، والفقه، وأعلّمه للناس دون مقابل.
أي أني تلفظت بالنذر دون أن أنويه؛ وذلك من خلال فيديوهات على الإنترنت، وأن أتعلّم الفقه تحت إشراف شيخ عندما أنتهي من جامعتي؛ وذلك بعد ثلاث سنوات تقريبًا، فما حكم نذري؟ وهل عليّ شيء إذا متّ، ولم أفِ به؟ علمًا أني الآن أشاهد فيديوهات للمشايخ، وأطّلع على المسائل، والفتاوى، والأمور التي يجب على المسلم معرفتها، وماذا عليّ إذا لما تتوفر السبل لدراسة الفقه؟ وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

ففي البداية: نسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك، وأن يجنِّبك الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يثبّتك على طريق الاستقامة، وأن يوفقك لكل خير.

ثم إن النذر ينعقد بكل ما يُشعِر بالالتزام من لفظ صريح، أو كناية، مع النية، قال البهوتي في كشاف القناع: (وهو) أي: النذر (إلزام مكلف مختار نفسه لله تعالى بالقول شيئًا غير لازم بأصل الشرع كـ) قوله: (عليَّ لله، أو نذرت لله، ونحوه) كلله عليَّ كذا، ونحوه، مما يؤدّي معناه. اهـ. وراجع المزيد في الفتوى: 102449.

وبناء على ما سبق؛ فإن قولك: "ربي إني نذرت لك نفسي" صيغة صريحة في النذر، لا تحتاج إلى نية، وقد ذكرتَ أنك تقصد بهذا النذر تعلّم العلم، وتعليمه للناس مجانًا، وهذا من الطاعات، والقربات، ويكون نذرًا منعقدًا عند أكثر أهل العلم، كما سبق في الفتوى: 271087، وهي بعنوان: "حكم من نذر نفسه للدين". وراجع المزيد عن "نذر التبرر" وذلك في الفتوى: 194851.

ويلزمك الوفاء بهذا النذر على الكيفية التي نذرتَها.

فإن عجزت عن الوفاء بنذرك مؤقتًا؛ لعدم توفر الوسائل المعينة على الوفاء به؛ فانتظر حتى تقدر على الوفاء، ولا شيء عليك.

وإن عجزتَ عجزًا لا يُرجى زواله؛ فعليك كفارة يمين.

وإذا أدركك الموت في هذه الحالة؛ فلا إثم عليك. وراجع التفصيل في الفتوى: 28918.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني